كتاب المغني لابن قدامة ط مكتبة القاهرة (اسم الجزء: 9)
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا عِبْرَةَ بِالنِّيَّةِ وَالسَّبَبِ فِيمَا يُخَالِفُ لَفْظَهُ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ مُخَالَفَةُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، وَالْيَمِينُ لَفْظُهُ، فَلَوْ أَحْنَثْنَاهُ عَلَى مَا سِوَاهُ، لَأَحْنَثْنَاهُ عَلَى مَا نَوَى لَا، عَلَى مَا حَلَفَ، وَلِأَنَّ النِّيَّةَ بِمُجَرَّدِهَا لَا تَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ، فَكَذَلِكَ لَا يَحْنَثُ بِمُخَالَفَتِهَا.
وَلَنَا، أَنَّهُ نَوَى بِكَلَامِهِ مَا يَحْتَمِلُهُ، وَيَسُوغُهُ فِي اللُّغَةِ التَّعْبِيرُ بِهِ، عَنْهُ، فَيَنْصَرِفُ يَمِينُهُ إلَيْهِ كَالْمَعَارِيضِ، وَبَيَانُ احْتِمَالِ اللَّفْظِ، أَنَّهُ يَسُوغُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ التَّعْبِيرُ بِالْخَاصِّ عَنْ الْعَامِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر: ١٣] . {وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا} [النساء: ٤٩] . {فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء: ٥٣] وَالْقِطْمِيرُ: لِفَافَةُ النَّوَاةِ.
وَالْفَتِيلُ مَا فِي شِقِّهَا.
وَالنَّقِيرُ: النُّقْرَةُ الَّتِي فِي ظَهْرِهَا. وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ، بَلْ نَفْيَ كُلِّ شَيْءٍ،
وَقَالَ الْحُطَيْئَةُ يَهْجُو بَنِي الْعَجْلَانِ:
وَلَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلٍ
الصفحة 565