كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 9)

وبعد، فقد انطلقت الثورة، وخاضت معاركها في إطار (حروب الإيمان). الإيمان بالله وبقضية الوطن والمواطن المسلم والعربي. ولم يكن اختيار كلمتي السر والإجابة (خالد - عقبة) لإطلاق شرارة الثورة، إلا تأكيدا على ربط الثورة بأرضيتها الصلبة. وكان لفرنسا وأجهزتها الاستعمارية دور لا ينكر في مساعدة الثورة على الانطلاق والتطور. فأساليب القمع الوحشية، ووسائل القهر والإذلال، قد تنجح لفترة مؤقتة، وقد تنتصر ضد شعب محروم الجذور (كالهنود الحمر مثلا) غير أنه من المحال لها أن تنجح بصورة نهائية أو تنتصر بصورة حاسمة ضد شعب يضرب في أصالته الى أعماق التاريخ. وذلك هو الدرس الذي استوعبته جيدا مراكز القوى المضادة للعالم الإسلامي فمضت في أساليبها المتطورة لضرب هذه الأصالة (في المسجد الاسلامي والمدرسة الاسلامية)، وذلك هو الدرس الذي يجب على العالم الاسلامي - العربي استيعابه في فلسطين، وفي غير فلسطين من أقطار العالم الاسلامي. لمجابهة الحملات الضارية التي لا زالت تفتك بكيان الأمة الخالدة.
لقد نسج الثوار التاريخيون قصة بداية الثورة، يتضحياتهم وجمودهم ودمائهم، فدفعوا من أموالهم ثمن أسلحتهم، ووصلوا الليل بالنهار والأيام بالشهور في جهد مستمر لا يعرف التعب، ولا يتطرق إليه الوهن أو اليأس، وسط صعوبات لا توصف، حتى أمكن تسجيل بداية الحدث التاريخي، ثم مضى عدد كبير من رواد الثورة، شهداء إلى الملأ الأعلى، تاركين لإخوانهم في الله والوطن متابعة المسيرة على الطريق الذي رسموه بتضحياتهم

الصفحة 204