كتاب سلسلة جهاد شعب الجزائر (اسم الجزء: 9)

وشطف عيشهم. ويقاسمهم تضحياتهم. ويجن جنون الاستعمار، فيقذف بكل أسلحته للمعركة، ويقذف الشعب الجزائري بالمقابل بكل قدراته وإمكاناته. ويتطور الصراع المصيري بين قوتين: قوة هابطة تمتلك كل القوى ما عدا الإيمان، وقوة صاعدة لا تمتلك شيئا إلا الإيمان.
وتأتي تجربة التاريخ لتؤكد من جديد انتصار (قضية الإيمان). تلك هي بإيجاز (بداية الثورة، وتلك هي قصتها).
إنها قصة (القادة التاريخيون) الذين عرفوا قدرات شعبهم وإمكاناته، وما يتفاعل فيه من انفعالات، وهي قصة (أصالة الشعب) الذي فقد كل شيء إلا إيمانه بالله وإسلامه وعروبته، وهي أيضا قصة تيار الأحداث وتطوراته في العالم وهو ما أدركه شعب الجزائر المجاهد وقادته التاريخيون وتجاهله دهاقنة الاستعماريين المتعلمين والمتحضرين والعقلانيين.
بضع مئات من الثوار، تسليحهم بواريد الصيد وبعض الأسلحة الحديثة وقيادة تضم بضعة أشخاص مغمورين تقريبا. وكلهم نصيبهم من العلم الحديث قليل، ونصيبهم من الإيمان كبير. لم يلبثوا أن شكلوا تيارا جارفا قفز إلى الآلاف وإلى عشرات الألوف ثم إلى الشعب الجزائري كله خلال فترة قياسية من عمر الزمن، ولم يكن ذلك ليتحقق أبدا لولا التقاء العوامل الثلاثة: القيادة والشعب وتيار الأحداث في فجر عيد جميع القديسين.
ولم يكن من العبث - أو بمحض الصدفة - اختيار فجر عيد القدسيين موعدا لانطلاقة الثورة. ولم يكن من العبث أيضا، تحديد شعار انطلاقة الثورة بكلمة الجهاد الخالدة (الله أكبر) واتخاذ كلمتي

الصفحة 9