كتاب البهجة الوفية بحجة الخلاصة الألفية (اسم الجزء: 1)

جماعةٍ آخرينَ، منهم: القَسطلانيُّ صاحبُ المواهِبِ اللدُنِّية، والبرهانُ ابنُ أبي شريفٍ، والبرهانُ القلقشنديُّ، وبقيَ في مصرَ نحوًا من خمسِ سنواتٍ، واستجازَ لهُ والدُهُ من الحافِظِ جلالِ الدينِ السّيوطِيِّ، وعادَ إلى دمشقَ في رجب سنةَ إحدى وعشرينَ وتسعمئةٍ بعدَما برعَ ودرَّسَ وألَّفَ ونظَمَ الشّعرَ، وكانَ أوَّلُ شيءٍ نظمَهُ وهوَ ابنُ ستَّ عشرةَ سنةٍ قولَه:
يَا رَبِّ يَا رَحْمَنُ يَا اللهُ ... يَا مُنْقِذَ المِسْكِينِ مِنْ بَلْوَاهُ
امْنُنْ عَلَيَّ وَجُدْ بِمَا تَرْضَاهُ ... بِجَزِيلِ فَضْلٍ مِنْكَ يَا اللهُ

ومن شعرِهِ أيضًا:
إِلَهَ العَالَمِينَ رِضَاكَ عَنِّي ... وَتَوْفِيقِي لِمَا تَرْضَى مُنَايَ
فَحِرْمَانِي عَطَائِي إِنْ تُرِدْهُ ... وَفَقْرِي إِنْ رَضِيتَ بِهِ غِنَايَ

وكذلكَ من شعرِه قولُه:
بِالحَظِّ وَالجَاهِ لَا بِفَضْلِ ... فِي دَهْرِنَا المَالُ يُسْتَفَادُ
كَمْ مِنْ جَوَادٍ بِلَا حِمَارِ ... وَكَمْ حِمَارٌ لَهُ جَوَادُ

تصديرُهُ للتّدريسِ والتعلِيم (¬١):
تصدّى للتدريسِ والتعليمِ في دمشقَ بعدَ عودتِه منَ القاهرةِ وكانَ عمرُهُ سبعةَ عشَرَ عامًا، واجتمعَتْ عليهِ الطّلبةُ، وعُرِفَ فَضلُهُ وعلمُهُ وحُسْنُ فَتواهُ، وظلَّ على ذلكَ إلى المَماتِ مُشتغِلًا بالعِلمِ تدريسًا وتَصنيفًا، معَ ما عُرِفَ بهِ من الاشتغالِ بالعبادةِ وقيامِ اللّيل.

توَلِّيهِ للوظائفِ والمناصبِ الدينية:
تولَّى رحمهُ اللهُ مشيخةَ القُرّاءِ بالجامعِ الأُمويِّ، وإمامةَ المقصورةِ، ودرَّسَ بالمدرسةِ العادِليَّةِ، والفارسيّةِ والشّاميةِ البرانيةِ، والمقدميةِ، والتقوية.
_________
(¬١) انظر: الكواكب السائرة ٣\ ٤ وريحانة الألبا ١\ ١٣٨.

الصفحة 12