كتاب البهجة الوفية بحجة الخلاصة الألفية (اسم الجزء: 1)
بين الألفية والبهجة
ابن الغزي من العلماء المتمرسين الموسوعيين في العلوم، ليس مجرد تابع ومقلد، بل كان ذا أثر بارز في شرحه للألفية.
وهو على جلالة قدره كان يجل ابن مالك وينزله منزلة لا يبلغها أحد، قال في مقدمته عن ابن مالك (¬١):
وَكَانَ فِي النَّحْوِ إِلَيْهِ المُنْتَهَى ... وَفِي القِرَاءَاتِ وَفِي عِلَلِهَا
وَلَمْ يُبَلَّغْ أَحَدٌ مَا بُلِّغَهْ ... مِنِ اطِّلَاعِهِ عَلَى عِلْمِ اللُّغَه
مَعْ أَخْذِهِ مِنْ كُلِّ فَنٍّ بِنَصِيبْ ... وَضَرْبِهِ فِيهِ بِسَهْمِهِ المُصِيبْ
سَالِمُ فِطْرَةٍ رَقِيقُ القَلْبِ ... كَامِلُ فِطْنةٍ ذَكِيُّ اللُّبِّ
مَعْ صِدْقِ لَهْجَةٍ وَحُسْنِ سَمْتِ ... وَوَرَعٍ قَدْ زَانَهُ وَصَمْتِ
وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِ كَثِيرَا ... وَكَانَ فِيهِمْ عَلَمًا مَنْشُورَا
تَهْوِي إِلَيْهِ النَّاسُ بِالأَفْئِدَةِ ... لِأَجْلِ نَيْلِ العِلْمِ وَالفائِدَةِ
وَكَمْ لَهُ مُؤَلَّفَاتٌ نَافِعَه ... فَرِيدَةٌ فِي كُلِّ عِلْمٍ جَامِعَه
وَكَانَ صَاحِبَ الإمَامِ النَّوَوِي ... تِلْمِيذِهِ وَشَيْخِهِ كَمَا رُوِي
للغزي طريقة بديعة في شرحه للألفية، فهو يذكر عنوان الباب قبل البدء، وأحيانًا يشرح العنوان ويذكر سبب ترتيب ابن مالك له في هذا الموضع، فتراه مثلًا في باب "المعرب والمبني" يقول (¬٢):
المُعْرَبُ اشْتُقَّ مِنَ الإِعْرَابِ إِذْ ... سَاوَى وَمَبْنِيٌّ مِنَ البِنَا أُخِذْ
وَقَدَّمَ الكَلَامَ فِيهِمَا عَلَى ... أَصْلَيْهِمَا إِذْ بَحْثُ ذَيْنِ طُوِّلَا
_________
(¬١) انظر: البيت ٩٧ وما بعده.
(¬٢) انظر: البيت ٤٩٧ وما بعده.
الصفحة 20
448