كتاب البهجة الوفية بحجة الخلاصة الألفية (اسم الجزء: 1)

البهجة الوفية والكافية الشافية

لا شك أن ابن الغزي أفاد كثيرًا من الكافية الشافية لابن مالك، وهذه الإفادة كانت على وجهين:
الوجه الأول: أن الكافية الشافية شكلت منبعًا كبيرًا استقى منها الغزي في تبيُّن أقوال وآراء ابن مالك، وهذا كان على صعيد الكافية الشافية وشرحها لابن مالك.
والوجه الثاني: وهو على صعيد الكافية الشافية وحدها، وهو أن ابن الغزي وجد أحيانًا أن بعض أبيات ابن مالك غاية في السبك والجمع والاختصار، فكان لابد من نقلها بتمامها، ولكنه ينسب ذلك لابن مالك قبل أن ينقل، وأمثال هذا كثير ومنه قوله (¬١):
وَفِي كَلَامِهِ قَلَاقَةٌ هُنَا ... وَهْوَ بِكَافِيَتِهِ قَدْ بَيَّنَا
وَإِنْ تُعِدْ لِخَبَرٍ ضَمِيرَا ... مِنْ مُبْتَدًا أَوْجِبْ لَهُ التَّأْخِيرَا

وقوله (¬٢):
لَكِنَّهُ بَيَّنَهُ فِي الكَافِيَه ... فَهْي بِقَوْلِهَا لَهُ مُوَافِيَه
وَالْتَزَمُوا فِي القَطْعِ حَذْفَ المُبْتَدَا ... كَـ"عُذْ بِهِ اللهُ" كَذَا مَا وَرَدَا
مِنْ مَصْدَرٍ مُرْتَفِعٍ وَهْوَ بَدَلْ ... مِنْ فِعْلِهِ وَغَيْرُ نَصْبٍ فِيهِ قَل
مِثَالُ ذَاكَ قَوْلُ بَعْضِ مَنْ خَلَا ... صَبْرٌ جَمِيلٌ فَكِلَانَا مُبْتَلَى
وَمُلْحَقٌ "فِي ذِمَّتِي لَأَفْعَلَن" ... بِذَا حَكَاهُ الفَارِسِيُّ ذُو عَلَنْ
وَإِنْ يَكُنْ مَخْصُوصُ "نِعْمَ" خَبَرَا ... فَهْوَ لِمُضْمَرٍ أَبَوْا أَنْ يَظْهَرَا
_________
(¬١) انظر: البيت ١٩٣٥ وما بعده.
(¬٢) انظر: البيت ١٩٨٥ وما بعده.

الصفحة 49