تحسون فيها من جدعاء، ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (¬١).
ولما كان الإسلام هو دين الفطرة، لم يحتج أن يقول: فأبواه يسلمانه.
• وتعقب هذا:
قال ابن عبد البر، فقال: يستحيل أن تكون الفطرة المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة) الإسلام؛ لأن الإسلام والإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح. وهذا معدوم من الطفل، لا يجهل بذلك ذو عقل (¬٢).
الدليل الثالث:
(٢٠٦٠ - ١١) ما رواه البخاري، قال: حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة، عن سليمان قال: سمعت زيد بن وهب قال:
رأى حذيفة رجلًا لا يتم الركوع والسجود، قال: ما صليت، ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدًا صلى الله عليه وسلم عليها (¬٣).
مت على غير الفطرة: أي على غير الدين والملة والإسلام.
قال ابن حجر: «قال الخطابي: الفطرة الملة أو الدين. قال: ويحتمل أن يكون المراد بها هنا السنة، كما جاء (خمس من الفطرة) الحديث، ويكون حذيفة قد أراد توبيخ الرجل ليرتدع في المستقبل، ويرجحه وروده من وجه آخر بلفظ: (سنة محمد) (¬٤).
---------------
(¬١) صحيح البخاري (١٣٥٩)، ورواه مسلم بنحوه (٢٦٥٨).
(¬٢) التمهيد (١٨/ ٧٧).
(¬٣) صحيح البخاري (٧٩١).
(¬٤) فتح الباري (٢/ ٢٧٥). وقد أخرجه البخاري بلفظ السنة كما قال الحافظ، في صحيحه (٣٨٩)، قال: أخبرنا الصلت بن محمد، أخبرنا مهدي، عن واصل، عن أبي وائل، عن حذيفة رأى رجلًا لا يتم ركوعه ولا سجوده، فلما قضى صلاته قال له حذيفة: ما صليت. قال: وأحسبه قال: لو مت مت على غير سنة محمد صلى الله عليه وسلم.