كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 100 """"""
فلما بلغ خبرهم الحجاج سرح إليهم الحارث بن عميرة في ثلاثة آلاف من أهل الكوفة ، فلقيهم صالح في تسعين رجلا ، وذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة ، فاقتتلوا . فانهزم سويد بن سليم بميسرة صالح ، وثبت صالح ، فقاتل حتى قتل ، وقاتل شبيب حتى صرع عن فرسه ، فحمل عليهم راجلاً فانكشفوا عنه ، فنادى : إلي يا معشر المسلمين ، فلاذوا به . فقال لأصحابه : ليجعل كل واحد منكم ظهره إلى ظهر صاحبه ، وليطاعن عدوه حتى ندخل هذا الحصن ونرى رأينا . ففعلوا ذلك ، ودخلوا الحصن ، وهم سبعون رجلا ، وأحاط بهم الحارث ، وأحرق عليهم الباب ، وقال : إنهم لا يقدرون على الخروج منه . وكانت هذه الوقعة بقرية يقال لها المدبج .
ذكر بيعة شبيب بن يزيد الشيباني ومحاربته الحارث بن عميرة وهزيمة الحارث
قال : ولما أحرق الحارث الباب على شبيب انصرف إلى عسكره وقال : إنهم لا يقدرون على الخروج منه ؛ فنصبحهم غداً فنقتلهم . فقال شبيب لأصحابه : ما تنتظرون ؟ فوالله لئن صبحكم هؤلاء إنه لهلاككم . فقالوا : مرنا بأمرك . فقال : بايعوني أو من شئتم من أصحابكم ، واخرجوا بنا إليهم ، فإنهم آمنون ، فبايعوه ، وأتوا باللبود فبلوها وجعلوها على جمر الباب وخرجوا . فلم يشعر الحارث إلا وهم بينهم بالسيوف ، فصرع الحارث ، فاحتمله أصحابه وانهزموا نحو المدائن ، وحوى شبيب عسكرهم ، فكان ذلك أول جيش هزمه .
ذكر الحروب بين أصحاب شبيب وعنزة
قال : ثم لقي شبيب سلامة بن سيار التيمي ، تيم شيبان ، بأرض الموصل ، فدعاه إلى الخروج معه فشرط عليه سلامة أن ينتخب ثلاثين فارساً ينطلق بهم نحو عنزة ليوقع بهم ، فإنهم كانوا قتلوا أخاه فضالة ، وكان فضالة قد خرج في ثمانيه عشر رجلا

الصفحة 100