كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 101 """"""
حتى نزل ماءً يقال له الشجرة وبه عنزة نازلون ، فنهضت عنزة فقتلوه ومن معه وأتوا برؤوسهم إلى عبد الملك فأنزلهم بانقيا ، وفرض لهم ، وكان خروج فضالة قبل خروج صالح ، فأجابه شبيب فخرج حتى انتهى إلى عنزة ، فجعل يقتل المحلة بعد المحلة حتى انتهى إلى فريق منهم فيه خالته قد أكبت على ابنٍ لها وهو غلامٌ حين احتلم ، فأخرجت ثديها إليه وقالت : أنشدك ترحم هذا يا سلامة . فقال : لا والله ما رأيت فضالة مذ أناخ بأرض الشجرة . لتقومن عنه أو لأجمعنكما بالرمح ، فقامت عنه . فقتله .
ذكر مسيرة شبيب إلى بني شيبان وإيقاعه بهم ودخولهم معه
قال : ثم أقبل شبيب بخيله نحو راذان فهرب منه طائفةٌ من بني شيبان ، ومعهم ناسٌ قليلٌ من غيرهم ، فأقبلوا حتى نزلوا ديراً خراباً إلى جنب حولايا ، وهم نحو ثلاثة آلاف ، وشبيبٌ في سبعين رجلا أو يزيدون قليلا ، فنزل بهم فتحصنوا منه فجعل أخاه مصاد بن يزيد يحاصرهم ، وتوجه إلى أمه ليأخذها وهو في اثني عشر رجلا ؛ فمر في طريقه بجماعة من بني تيم بن شيبان في أموالهم مقيمين ؛ لا يرون أن شبيبا يمر بهم . ولا يشعر بمكانهم ، فحمل عليهم فقتل ثلاثين شيخا فيهم حوثرة بن أسد ، ومضى إلى أمه ؛ وأشرف رجلٌ من الدير على أصحاب شبيب ، فقال : يا قوم ؛ بيننا وبينكم القرآن ، قال الله تعالى : " وإن أحَدٌ مِنَ المشرِكين اسْتَجَاركَ فأجِرْهُ حتى يَسْمَع كلامَ اللهِ ثُمَّ أبْلِغْهُ مأْمَنَهُ " . فكفوا عنا حتى نخرج إليكم بأمانٍ وتعرضوا علينا أمركم ، فإن قبلناه حرمت عليكم دماؤنا وأموالنا ، وإن نحن لم نقبله رددتمونا إلى مأمننا ، ثم رأيتم رأيكم . فأجابوهم فخرجوا إليهم ، فعرض عليهم أصحاب شبيب قولهم ، فقبلوه كله ، فنزلوا إليهم ، وجاء شبيب فأخبر بذلك ، فقال : أصبتم ووفقتم .