كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 103 """"""
انتهى إلى النهروان فصلوا وترحموا على أصحابهم الذين قتلهم علي رضي الله عنه وتبرءوا من علي وأصحابه . وبلغ سورة خبره ، فجمع أصحابه وقال : إن شبيبا لا يزيد على مائة رجل ، وقد رأيت أن أنتخبكم فأسير في ثلاثمائة من شجعانكم وآتيه ، فأجابوه إلى ذلك ، فسار في ثلاثمائة نحو النهروان ، وأذكى شبيبٌ الحرس ، فلما دنا أصحاب سورة علموا بهم ، فاستووا على خيولهم ، وتعبئوا تعبئتهم للحرب ؛ فلما انتهى إليهم سورة رآهم قد حذروا ، فحمل عليهم فثبتوا له ، وصاح شبيب بأصحابه فحملوا عليهم وشبيب يقول :
من ينك العير ينك نيّاكا . . . جندلتان اصطكّتا اصطكاكا
فرجع سورة إلى عسكره وقد هزم الفرسان وأهل القوة ، فتحمل بهم ، وأقبل نحو المدائن ، فتبعه شبيب يرجو أن يدركه ، فوصل إليهم ، وقد دخل الناس المدائن ، فمر على كلواذا ، فأصاب بها دواب كثيرة للحجاج ، فأخذها ومضى إلى تكريت ، وأرجف الناس بالمدائن بوصول شبيب إليهم ، فهرب من بها من الجند نحو الكوفة ، وحبس الحجاج سورة ثم أطلقه .
ذكر الحرب بين شبيب والجزل بن سعيد وقتل سعيد بن مجالد
قال : ولما قدم الفل الكوفة سير الحجاج الجزل بن سعيد ابن شرحبيل الكندي ، واسمه عثمان ، نحو شبيب ، وأوصاه بالاحتياط وترك العجلة ، وأخرج معه أربعة آلاف ليس فيهم أحدٌ ممن هزم ، فقدم الجزل بين يديه عياض بن أبي لينة الكندي ، فساروا في طلب شبيب وهو يخرج من رستاقٍ إلى رستاق ، يقصد بذلك أن يفرق الجزل أصحابه فيلقاه وهو على غير تعبئة ، فجعل الجزل لا يسير إلا على تعبئة ، ولا ينزل إلا خندق على نفسه .

الصفحة 103