كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 108 """"""
فقد هزمنا لهم جنداً . فقال : إن هذه الهزيمة قد أرعبت قلوب الأمراء والجنود الذين في طلبكم ؛ فاقصدوهم ، فوالله لئن قاتلناهم ما دون الحجاج مانع ، ونأخذ الكوفة إن شاء الله .
فقالوا : نحن لرأيك تبع ، وسأل عن الأمراء فقيل : إنهم بروذبار على أربعة وعشرين فرسخا من الكوفة ؛ فقصدهم فانتهى إليهم وقد تعبئوا للحرب ، وأمير الجماعة زائدة بن قدامة ، وعلى ميمنته زياد بن عمرو العتكي ، وعلى الميسرة بشر بن غالب الأسدي ، وكل أمير واقفٌ في أصحابه .
وأقبل شبيب في ثلاث كتائب : كتيبة فيها سويد بن سليم وقف بإزاء الميمنة ، وكتيبة فيها مصاد أخو شبب وقف بإزاء الميسرة ، ووقف شبيب مقابل القلب . فحمل سويد على زياد فانكشف أهل الميمنة ، وثبت زياد في نحوٍ من نصف أصحابه ، ثم ارتفع عنهم سويد قليلاً ، ثم حمل ثانية فتطاعنوا ساعةً ، واقتتلوا أشد قتال ، ثم ارتفع سويد عنهم ، فتفرق أصحاب زياد بن عمرو من كل جانب ، فحمل عليهم الثالثة فانهزموا وأخذت السيوف زياد بن عمرو من كل جانب فلم تضره للباسه ، فانهزم وقد جرح جراحةً يسيرة ، وذلك عند المساء ، ثم حملوا على عبد الأعلى بن عبد الله ابن عامر ، فهزموه ، ولم يقاتل كثيراً ، ولحق بزياد ؛ فمضيا منهزمين . وحملت الخوارج على محمد بن موسى بن طلحة عند المغرب ، فقاتلوه قتالاً شديداً ، وحمل مصاد على بشر بن غالب ، وهو في ميسرة أهل الكوفة ، فصبر بشر ، ونزل ونزل معه نحو خمسين رجلاً ، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم ، وانهزم أصحابه ، وحملت الخوارج على أبي الضريس مولى بني تميم ، وهو يلي بشر بن غالب ، فهزموه حتى انتهى إلى موقف أعين ، ثم حملوا عليه وعلى أعين ، فهزموهما حتى انتهوا بهما إلى زائدة بن قدامة ، فنادى زائدة : يأهل الإسلام ؛ الأرض ، الأرض ، لا يكونوا على كفرهم أصبر منكم على إيمانكم ، فقاتلهم عامة الليل حتى كان السحر ، ثم إن شيباً حمل عليه في جماعة من أصحابه ، فقتله وقتل أصحابه ، فلما قتل دخل أبو الضريس وأعين جوسقاً عظيما ، وقال شبيب لأصحابه : ارفعوا السيف عنهم ، وادعوهم إلى البيعة ، فدعوهم إلى البيعة عند الفجر ، فبايعوه وسلموا عليه بإمرة

الصفحة 108