كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 109 """"""
المؤمنين ، وكان فيمن بايعه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ، فلما طلع الفجر أمر محمد بن موسى بن طلحة مؤذنه فأذن ، وكان لم ينهزم . فقال شبيب : ما هذا ؟ قالوا : محمد بن موسى لم يبرح ، فقال : قد ظننت أن حمقه وخيلاءه يحمله على هذا . ثم نزل شبيب فأذن هو وصلى بأصحابه الصبح ، ثم ركبوا فحملوا على محمد وأصحابه ، فانهزمت طائفةٌ منهم ، وثبتت معه طائفةٌ ، فقاتل حتى قتل ، وأخذت الخوارج ما في العسكر ، وانهزم الذين كانوا بايعوا شبيباً بجملتهم ، ثم أتى شبيب الجوسق الذي فيه أعين وأبو الضريس فتحصنوا منه ، فأقام عليهم يومه ذلك ، وسار عنهم فأتى خانيجار فأقام بها ، وبلغ الحجاج مسيره ، فظن أنه يريد المدائن ، فهاله ذلك ، فبعث عثمان بن قطن أميراً على المدائن وعزل عنها عبيد الله بن أبي عصيفير .
وقيل في مقتل محمد بن موسى : أنه قتله مبارزةً ، وذلك أنه كان شهد مع عمر بن عبيد الله بن معمر قتال أبي فديك ، وكان شجاعاً ذا بأس ، فزوجه عمر ابنته ، وكانت أخته تحت عبد الملك ابن مروان ، فولاه سجستان ، فمر بالكوفة وفيها الحجاج ، فقيل له : صار هذا بسجستان مع صهره لعبد الملك ، فلو لجأ إليه أحدٌ ممن يطلب منعك منه . قال : فما الحيلة ؟ قال : تأتي إليه ، وتسلم عليه ، وتذكر نجدته وبأسه ، وأن شبباً في طريقه ، وأنه قد أعياك ، وترجو أن يريح الله منه على يده ، فيكون له ذكره وفخره .
ففعل الحجاج ذلك ، فأجابه محمد ، وعدل إلى شبيب ، فأرسل إليه شبيب إنك مخدوع ، وإن الحجاج قد اتقى بك ، وأنت جار لك حق ، فانطلق لما أمرت به ولك الله أني لا أضرك فأبى إلا محاربته ، فواقفه شبيب ، وأعاد عليه الرسول ، فأبى وطلب البراز فبرز إليه شبيب ، وقال له : أنشدك الله في دمك ؛ فإن لك جواراً ، فأبى . فحمل عليه شبيب فضربه بعمود حديد زنته اثنا عشر رطلا بالشامي ، فهشم البيضة ورأسه ، فسقط فكفنه شبيب ودفنه ، وابتاع ما غنمه من عسكره فبعثه إلى أهله واعتذر شبيب إلى أصحابه ، وقال : هو جاري ، ولي أن أهب ما غنمت .
ذكر محاربته عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث وعثمان بن قطن وقتل ابن قطن
قال : ثم إن الحجاج أمر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث أن ينتخب ستة آلاف فارس ويسير بهم في طلب شبيب أين كان ، ففعل ذلك ، وسار نحوه ، فسار