كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 110 """"""
شبيب إلى دقوقاء وشهرزور ، وعبد الرحمن في طلبه حتى انتهى إلى التخوم ، فوقف وقال : هذه أرض الموصل ، فليقاتلوا عنها .
فكتب إليه الحجاج : أما بعد فاطلب شبباً واسلك في أثره أين سلك حتى تدركه فتقتله أو تنفيه ، فإنما السلطان سلطان أمير المؤمنين والجند جنده .
فخرج عبد الرحمن في طلبه ، فكان شبيب يدعه حتى يدنو منه فيبيته فيجده قد خندق على نفسه وحذر ، فيتركه ويسير فيتبعه عبد الرحمن ، فإذا بلغ شبيباً مسيرهم أتاهم وهم سائرون فيجدهم على تبعئةٍ فلا يصيب لهم غرةً ، ثم جعل إذا دنا منه عبد الرحمن يسير عشرين فرسخا ، ونحوها ، وينزل في أرض خشنة غليظة ، ويتبعه عبد الرحمن ، فإذا دنا منه فعل مثل ذلك حتى أتعب ذلك الجيش ، وشق عليهم ، وأخفى دوابهم .
ولم يزل عبد الرحمن يتبعه حتى مر به على خانقين وجلولاء وتامرا ، ثم أقبل إلى البت ، وهي من قرى الموصل ليس بينها وبين سواد الكوفة إلا نهر حولايا ، وذلك في عشر ذي الحجة سنة ست وسبعين ، فأرسل شبيب إلى عبد الرحمن : إن هذه أيام عيدٍ لنا ولكم يعني عيد النحر ، فهل لك في الموادعة حتى تمضي هذه الأيام ؟ فأجابه إلى ذلك ، وكان يحب المطاولة . وكتب عثمان بن قطن أمير المدائن إلى الحجاج يقول : أما بعد فإن عبد الرحمن قد حفر جوخي كلها خندقاً واحداً ، وكسر خراجها ، وخلى شبيباً يأكل أهلها . والسلام .
فكتب إليه الحجاج يأمره بالمسير إلى الجيش ، وأمره عليهم ، وعزل عنهم عبد الرحمن ، وبعث إلى المدائن مطرف بن المغيرة ابن شعبة ، فسار عثمان حتى قدم