كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 113 """"""
وكتب الحجاج إلى عبد الملك يخبره أن شبيباً قد شارف المدائن ؛ وأنه يريد الكوفة ، وقد عجز أهلها عن قتاله في مواطن كثيرة ، يقتل أمراءهم وبهزم جندهم ؛ وسأله أن يبعث جنداً من الشام يقاتلون الخوارج ، ويأكلون البلاد . فبعث عبد الملك سفيان بن الأبرد الكلبي في أربعة آلاف ، وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي في ألفين ، وبعث الحجاج إلى عتاب بن ورقاء يستدعيه ، وكان يقاتل الازارفة مع المهلب كما تقدم .
واشتشار الحجاج أهل الكوفة فيمن يوليه أمر الجيش ، فقالوا : رأيك أفضل . فقال : قد بعثت إلى عتاب بن ورقاء وهو قادم عليكم الليلة أو القابلة ؛ فقال زهرة : رميتهم بحجرهم ، والله لا يردع إليك حتى يظفر أو يقتل . وقال له قبيصة بن والق : إن الناس قد تحدثوا أن جيشاً قد وصل إليك من الشام ، وأن أهل الكوفة قد هزموا وهان عليهم الفرار ، فقلوبهم كأنها ليست فيهم ؛ فإن رأيت أن تبعث إلى أهل الشام ليأخذوا حذرهم ، فإنك تحارب حولاً قلباً ظعاناً رحالاً ، وقد جهزت إليهم أهل الكوفة ولست واثقاً بهم كل الثقة ، فإن شبيباً بينا هو في أرض إذا هو في أخرى ، ولا آمن أن يأتي أهل الشام وهم آمنون ؛ فإن يهلكوا تهلك ويهلك أهل العراق .
فقال : لله أبوك ، ما أحسن ما أشرت به وأرسل إلى أهل الشام يحذرهم ويأمرهم أن يأتوا على عين التمر ، ففعلوا ، وقدم عتاب بن ورقاء تلك الليلة ، فبعثه الحجاج على ذلك الجيش ، فعسكر بحمام أعين ، وأقبل شبيب حتى انتهى إلى كلواذا فقطع منها دجلة ، ثم سار حتى نزل مدينة بهرسير الدنيا ، وهي المدائن الغربية ، فصار بينه وبين مطرفٍ دجلة ، فقطع مطرف الجسر ، وبعث إلى شبيب أن ابعث إلي رجالا من وجوه أصحابك أدارسهم القرآن وأنظر فيما يدعون إليه ، فبعث إليه بمعتب بن سويد والمحلل وغيرهما ، وأخذ منه رهائن على عود أصحابه ، فأقاموا عنده أربعة أيام ، ثم أعادهم ، ولم يتفقوا ، فلما لم يتبعه مطرف تهيأ للمسير إلى

الصفحة 113