كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 115 """"""
على خمسمائة فارس من تميم من جميع الناس ألا صابر لعدوه ألا مواس بنفسه فانقضوا عنه وتركوه ، فلما دنا منه شبيب وثب في عصابة قليلة صبرت معه ؛ وقاتل ساعة ، فرآه رجل من أصحاب شبيب يقال له عامر بن عمرو التغلبي ، فحمل عليه فطعنه ، وجاء الفضل بن عامر الشيباني إلى زهرة فقتله ، وتمكن شبيب من أهل العسكر والناس ، فقال : ارفعوا السيف . ودعاهم إلى البيعة ، فبايعه الناس وهربوا من ليلتهم ، وحوى ما في العسكر . وأقام شبيب بعد الوقعة ببيت قرة يومين ، ثم سار نحو الكوفة فنزل بسورا . وقتل عاملها ، وكان سفيان بن الأبرد وعسكر الشام قد دخلوا الكوفة فشدوا ظهر الحجاج ، واستعنى بهم عن أهل الكوفة ، وقام على المنبر فقال : يا أهل الكوفة ، لا أعز الله من أرادبكم العز ، ولا نصر من أراد بكم النصر ، اخرجوا عنا فلا تشاهدوا معنا قتال عدونا ، انزلوا الحيرة مع اليهود والنصارى ، ولا يقاتل معنا إلا من لم يشهد قتال عتاب .
ذكر قدوم شبيب الكوفة وانهزامه عنها
قال : ثم سار شبيب من سورا فنزل حمام أعين ، فدعا الحجاج الحارث بن معاوية الثقفي ، فوجهه في ناس من الشرط وغيرهم لم يشهدوا يوم عتاب ، فخرجوا في ألف فنزلوا زرارة ، فبلغ ذلك شبيباً ، فعجل إلى الحارث ، فلما انتهى إليه حمل عليه فقتله ، وانهزم أصحابه ، فدخلوا الكوفة ، وجاء شبيب فعسكر بنا حية الكوفة فأقام ثلاثا ، فنزل السبخة ، وابتنى بها مسجداً ، وذلك في اليوم الثاني من الأيام الثلاثة .
فلما كان اليوم الثالث أخرج الحجاج أبا الورد مولاه عليه تجفاف ومعه غلمان له ، فقالوا : هذا الحجاج فحمل عيه شبيب فقتله ، فأخرج إليه غلامه طهمان في مثل تلك العدة والحالة ، فقتله شبيب ، وقال : إن كان هذا الحجاج فقد أرحتكم منه .
ثم خرج الحجاج عند ارتفاع النهار من القصر ، فركب بغلاً ومعه أهل الشام ، فلما رأى الحجاج شبيبا وأصحابه نزل وجلس على كرسي ، وتقدم إليه شبيب وأصحابه فلقوهم بأطراف الأسنة ؛ فكان بينهم قتال شديد عامة النهار ، حتى انتهى الحجاج إلى مسجد شبيب ، فقال : هذا أول الفتح .