كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
لأصحابه : إنه بلغني أن عبيد الله بن زياد قد أقبل إليكم في ثمانين ألفاً ، وأشار إليهم بالرجوع إلى المختار ، فصوبوا رأيه ، ورجعوا ، فبلغ ذلك أهل الكوفة ، فأرجفوا بالمختار ، وقالوا : إن يزيد قتل ولم يمت ، فندب إبراهيم بن الأشتر في سبعة آلاف ، وقال له : سر فإذا لقيت جيش يزيد فأنت الأمير عليهم ، فأردهم معك حتى تلقى ابن زياد فناجزه .
فسار إبراهيم لذلك ، فأجتمع أشراف الكوفة على شبث بن ربعى وقالوا : والله ، إن المختار تأمر بغير رضاً منا ، وقد أدنى موالينا ، فحملهم على الدواب ، وأعطاهم فيئنا .
فقال : دعوني حتى ألقاه ، فذهب إليه فكلمه ، فلم يدع شيئاً أنكره إلا ذكره له ، والمختار يقول في كل خصلة : أنا أرضيهم في هذا وآتي كل ما أحبوه ، فلما ذكر المالي ومشاركتهم في الفيء قال : إن أنا تركت لكم مواليكم وجعلت فيئكم لكم ، أتقاتلون معي بني أمية وابن الزبير وتعطوني على هذا الوفاء عهد الله وميثاقه وما أطمئن إليه من الأيمان . فقال شبث : حتى أخرج إلى أصحابي فأذكر ذلك لهم .
فخرج إليهم ولم يعد إلى المختار ، وأجتمع رأيهم على قتله ، فأجتمع شبث ، ومحمد بن الأشعث ، وعبد الرحمن بن سعيد بن قيس ، وشمر بن ذي الجوشن ، ودخلوا على كعب بن أبي كعب الخثعمي ، فكلموه في ذلك ، فأجابهم إليه ، فخرجوا من عنده ، ودخلوا على عبد الرحمن بن مخنف الأزدي ، فدعوه إلى ذلك ، فقال : إن أطعتموني لم تخرجوا ، فقالوا : لم ؟ إني أخاف أن تتفرقوا وتختلفوا ومع الرجل شجعانكم وفرسانكم مثل فلان وفلان ، ثم معه عبيدكم ومواليكم ، وكلمة هؤلاء واحدة ، ومواليكم أشد حنقاً عليكم من عدوكم ، فهم يقاتلوكم بشجاعة العرب وعداوة العجم ، وإن انتظرتموه قليلاً كفيتموه بغيركم ، ولا تجعلوا بأسكم بينكم ؛ فقالوا : ننشدك الله ألا تخالفنا وتفسد علينا رأينا ، وما أجمعنا عليه . فقال : إنما أنا رجل منكم ، فإذا شئتم فأخرجوه ، فوثبوا بالمختار بعد مسير ابن الأشتر ، وخرج كل رئس بجبانة ، فأرسل المختار إلى ابن الأشتر يأمره بسرعة العودة إليه ، وبعث إليهم وهو يلاطفهم ويقول : إني صانع ما أحببتم ، وهو يريد بذلك مداهنتهم حتى يقدم

الصفحة 13