كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 15 """"""
بمكانه ، فإذا هو منهم على مسيرة ثلاثة فراسخ ، فساروا إليه وأدركوه ، فهرب أصحابه ، وأعجله القوم عن لبس سلاحه ، فقام وقد أتزر ببرد ، وكان أبرص ، فظهر بياض برصه ، فطاعنهم بالرمح ثم ألقاه ، وأخذ السيف فقاتل به حتى قتل ، والذي قتله عبد الرحمن ابن أبي الكنود ، وألقى جيفته للكلاب .
قال : وأقبل المختار إلى القصر من جبانة السبيع ومعه سراقة ابن مرادس البارقي أسيراً ، فناداه سراقة :
أمنن على اليوم يا خير معاً . . . وخير من حل بشحرٍ والجند
و خير من لبى وحيى وسجد فأمر به إلى السجن ، ثم أحضره من الغد ، فأقبل وهو يقول :
ألا أبلغ أبا إسحاق أنا . . . نزونا نزوة كانت علينا
خرجنا نرى الضعفاء شيئا . . . وكان خروجنا بطراً وحيناً
لقينا منهم ضرباً طلحفاً . . . وطعناً صائباً حتى أنثنينا
نصرت على عدوك كل يوم . . . نكل كتيبة تنعى حسيناً
كنصر محمد في يوم بدر . . . ويوم الشعب إذ وافى حيناً
فأسجح إذ ملكت فلو ملكنا . . . لجرنا في الحكومة واعتدينا
تقبل توبة مني فإني . . . سأشكر إذ جعلت النقد دينا
فلما انتهى إلى المختار قال : أصلح الله الأمير ، أحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت الملائكة تقاتل معك على الخيول البلق بين السماء والأرض ؛ فقال له المختار : اصعد على المنبر فأعلم الناس ، فصعد ، فأخبرهم بذلك ، ثم نزل فخل به فقال له : إني قد علمت أنك لم تر شيئاً ، وإنما أردت ما قد عرفت ، فأذهب " عني " حيث شئت ، لا تفسد علي أصحابي .
الصفحة 15
336