كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 20 """"""
الشام ، فكتب المختار لأبن الزبير : بلغني أن ابن مروان قد بعث إليك جيشاً ، فإن أحببت أمددتك بمدد .
فكتب إليه ابن الزبير : " إن كنت على طاعتي فبايع لي الناس قبلك ، وعجل بإنفاذ الجيش ومرهم فليسيروا إلي من بوادي القرى من جند ابن مروان فليقاتلوهم ، والسلام " . فدعا المختار شرحبيل بن ورس الهمذاني ، فسيره في ثلاثة آلاف أكثرهم من الموالي ، وليس فيهم إلا سبعمائة من العرب ، وقال له : سر حتى تدخل المدينة ، فإن دخلتها فاكتب إلي بذلك حتى يأتيك أمري ، وهو يريد إذا دخل الجيش المدينة أن يبعث عليهم أميراً لمحاصرة ابن الزبير بمكة ، وخشي ابن الزبير أن المختار إنما يكيده ، فبعث من مكة " إلى المدينة " عباس بن سهل بن سعد في ألفين ، وأمره أن يستنفر العرب ، وقال له : إن رأيت القوم في طاعتي وإلا فكايدهم حتى تهلكهم ، فأقبل عباس حتى لقي ابن ورس بالرقيم وقد عبأ أصحابه ، وأتى عباس وقد تقطع أصحابه ، فرأى ابن ورس على الماء في تعبئته فدنا وسلم عليهم ، ثم قال لأبن ورس سراً : ألستم في طاعة ابن الزبير ؟ قال : بلى . وقال : فسر بنا إلى عدوه الذي بوادي القرى ، فقال : إنما أمرت أن أتي المدينة وأكتب إلى صاحبي ، فيأمره بأمره ، فقال عباس : رأيك أفضل ، وفطن لما يريد ، وقال أما أنا فسائر إلى وادي القرى ، ونزل عباس أيضاً ، وبعث إلى ابن ورس بجزائر وغنم ، وكانوا قد ماتوا جوعاً ، فذبحوا واشتغلوا بها ، واختلطوا على الماء ، وجمع عباس من شجعان أصحابه نحو ألف رجل ، وأقبل إلى فسطاط ابن ورس ، فلما رآهم نادى في أصحابه ، فلم يجتمع إليه مائة رجل ، حتى انتهى إليهم عباس ، فاقتتلوا يسيراً ، فقتل ابن ورس في سبعين من أهل الحفاظ .
و رفع عباس راية أمان ، فأتوها إلا نحو ثلاثمائة مع سليمان بن حمير الهمداني ، وعباس بن جعدة الجدلي ، فظفر عباس بن سهل منهم بنحو من مائتين فقتلهم ، وأفلت الباقون فرجعوا ومات أكثرهم في الطريق .
الصفحة 20
336