كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
والنهار ، لست أبا إسحاق إن لم أنصرهم نصراً مؤزراً ، وإن لم أسر بالخيل في أثر الخيل ، كالسيل يتلوه السيل ، حتى يحل بابن الكاهلية الويل ، يريد عبد الله بن الزبير . فبكى الناس وقالوا : سرحنا إليه وعجل ، فوجه أبا عبد الله الجدلي في سبعين من أهل القوة ، ووجه ظبيان بن عمارة أخا بني تميم في أربعمائة ، وبعث معه أربعمائة ألف درهم لأبن الحنفية ، ووجه أبن المعتمر في مائة ، وهانئ بن قيس في مائة ، وعمير بن طارق في أربعين ، و يونس بن عمران في أربعين ، فوصل أبو عبد الله الجدلي إلى ذات عرق ، فأقام بها حتى أتاه عمير ويونس في ثمانين ، فبلغوا مائة وخمسين راكباً ، فساروا حتى دخلوا المسجد الحرام وهم ينادون : يالثارات الحسين ، حتى انتهوا إلى زمزم ، فكسروا الباب ودخلوا على ابن الحنفية ، فقالوا : خل بيننا وبين عدو الله ابن الزبير ، فقال إني لا أستحل القتال في الحرم . فقال ابن الزبير : واعجباه لهذه الخشبية ينعون حسيناً كأني أنا قتلته ، والله لو قدرت على قتلهم لقتلتهم ، وإنما سماهم ابن الزبير الخشبية لأنهم دخلوا مكة وبأيديهم الخشب كراهة إشهار السلاح في الحرم ، وقال : أتحسبون أني أخلي سبيلهم ، دون أن نبايع ويبايعوا .
فقال : الجدلي : ورب الركن والمقام لتخلين سبيلنا أو لنجالدنك بأسيافنا جلاداً يرتاب منه المبطلون ، فكفهم ابن الحنفية وحذرهم الفتنة .
ثم قدم باقي الجند ومعهم المال ، فدخلوا المسجد الحرام فكبروا ، وقالوا : يالثارات الحسين ، فخافهم ابن الزبير ، وخرج ابن الحنفية ومعه أربعة آلاف رجل إلى شعب علي ، فعزوا وامتنعوا ، فقسم فيهم المال ، فلما قتل المختار ضعفوا واحتاجوا ، ثم استوثق البلاد لأبن الزبير بعد قتل المختار ، فبعث إلى أبن الحنفية أن أدخل في بيعتي ، وإلا نابذتك .
و بلغ الخبر عبد الملك بن مروان ، فكتب إلى ابن الحنفية : أنه إن قدم عليه أحسن إليه ، وإنه ينزل أي الشام أحب حتى يستقيم أمر الناس .

الصفحة 22