كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 23 """"""
فخرج ابن الحنفية ومن معه إلى الشام ، فلما وصل إلى مدين بلغه غدر عبد الملك بعمرو بن سعيد ، فندم على إتيانه إلى الشام ونزل أيلة ، وتحدث الناس بفضل ابن الحنفية ، وكثرة عبادته وزهده ، فندم عبد الملك على إذنه في القدوم إلى بلده ، فكتب إليه : " إنه لا يكون في سلطاني من لا يبايعني " .
فارتحل إلى مكة ، ونزل شعب أبي طالب ، فأرسل إليه ابن الزبير يأمره بالرحيل عنه ، فسار إلى الطائف وألتحق به عبد الله بن عباس ، ومات بن عباس بالطائف ، حتى قدم الحجاج لحصار ابن الزبير ، فعاد إلى الشعب ، فطلبه الحجاج ليبايع عبد الملك ، فامتنع حتى يجتمع الناس ، ثم بايع بعد قتل ابن الزبير . هذا ما كان من أمره ، فلنعد إلى أخبار المختار ، " والله أعلم " .
ذكر مسير إبراهيم بن الأشتر لحرب عبيد الله بن زياد وقتل ابن زياد
وفي سنة ست وستين لثمان بقين من ذي الحجة ، سار إبراهيم بن الأشتر لقتال عبيد الله بن زياد ، وذلك بعد فراغه من وقعة السبيع بيومين ، وأخرج المختار معه فرسان أصحابه ووجوههم وأهل البصائر منهم ، وشيعه ووصاه ، وخرج معه لتشيعه أصحاب الكرسي بكرسيهم ، وهم يدعون الله له بالنصر ، وسنذكر خبر الكرسي إن شاء الله تعالى . قال : ولما انتهى إبراهيم إلى أصحاب الكرسي وهم عكوف عليه ، " وقد " رفعوا أيديهم إلى السماء يدعون الله ، فقال إبراهيم : اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ، هذه سنة بني إسرائيل ، وسار إبراهيم مجداً ليلقى ابن زياد قبل أن يدخل أرض العراق ، وكان ابن زياد قد سار في عسكر عظيم وملك الموصل كما ذكرنا ، فلما

الصفحة 23