كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 24 """"""
انتهى إبراهيم إلى نهر الخازر من أرض الموصل نزل بقرية باربيثا ، وأقبل عبيد الله بن زياد حتى نزل قريباً منهم على شاطئ خازر ، وأرسل عمير بن الحباب السلمي إلى ابن الأشتر أن القني ؛ وكانت قيس كلها مضطغنة على بني مروان بسبب وقعة مرج راهط ، وجند عبد الملك يومئذ كلب ، واجتمع عمير وابن الأشتر فأخبره عمير أنه على ميسرة بن زياد ، وواعده أن ينهزم بالناس ، وأشار عليه بمناجزة القوم ، وعاد عمير إلى أصحابه ، وصلى بهم صلاة الفجر بغلس ، ثم صفهم وسار بهم رويداً حتى أشرف على تل عظيم مشرف على القوم ، فإذا هم لم يتحرك منهم أحد ، فتقدم ابن الأشتر وهو يحرض أصحابه على القتال ، يذكرهم بمقتل الحسين وسبي أهل بيته ، فلما تدانى الصفان حمل الحصين بن نمير بميمنة أهل الشام على ميسرة ابن الأشتر ، وعليها علي بن مالك الجشمي ، فقتل بن مالك ، فأخذ الراية ابنه قرة بن علي وقاتل بها فقتل في رجالٍ من أهل البأس ، وانهزمت ميسرة إبراهيم ، فأخذ الراية عبد الله بن ورقاء بن جنادة السلولي ، ورد المنهزمين ، وقاتلوا ، وحملت ميمنة إبراهيم وعليها سفيان بن يزيد الأزدي على ميسرة بن زياد ، وهم يظنون أن عمير بن الحباب ينهزم لهم كما زعم ، فقاتلهم أشد قتال ، وأنفت نفسه الهزيمة ، فلما رأى إبراهيم ذلك قال لأصحابه : اقصدوا أهل السواد الأعظم ، فوالله لئن هزمناه لنجعلن من ترون يمنة ويسرة ، فتقدم أصحابه وقاتلوا أشد قتال ، وصدقهم إبراهيم القتال ، فأنهزم أصحاب بن زياد ، وبعد أن قتل من الفريقين قتلى كثيرةً .
وقيل : إن عمير بن الحباب أول من أنهزم ، وإنما كان قتاله أولاً تعذيراً .
فلما انهزموا قال إبراهيم بن الأشتر : إني قتلت رجلاً تحت رايةٍ منفردةٍ على شط نهر خازر ، فالتمسوه فإني شممت منه رائحة المسك ، شرقت يداه وغربت رجلاه ، فالتمسوه ، فإذا هو عبيد الله بن زياد ، فأخذ رأسه وحرقت جثته .
و أقام إبراهيم بالموصل ، وأنفذ رأس عبيد الله إلى المختار ، ورءوس القواد ، وكانت هذه الوقعة في سنة سبعٍ وستين .

الصفحة 24