كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 29 """"""
فكتب إلى أخيه عبد الله : إنها تزعم أنه نبي ، فأمره بقتلها ، فقتلت ليلا بين الحيرة والكوفة ، فقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي :
إن من أعجب العجائب عندي . . . قتل بيضاء حرة عطبول
قتلت هكذا على غير جرم . . . إن لله درها من قتيل
كتب القتل والقتال علينا . . . وعلى المحصنات جر الذيول
وقيل : إن المختار إنما أظهر الخلاف على ابن الزبير عند قدوم مصعب البصرة ، وإن مصعباً لما سار إليه فبلغه مسيره أرسل إليه أحمر بن شميط ، وأمره أن يواقعه بالمذار ، وقال : إن الفتح بالمذار ، لأنه بلغه أن رجلاً من ثقيف يفتح عليه بالمذار فتح عظيم ، فظن أن هو ، وإنما كان الحجاج في فتال عبد الرحمن ابن الأشعث ، وأمر مصعب عبادا الحبطي بالمسير إلى جمع المختار ، فتقدم وتقدم معه عبيد الله بن علي بن أبي طالب ، وبقي مصعب على نهر البصريين ، على شط الفرات ، وخرج المختار في عشرين ألفا ، وزحف مصعب ومن معه فوافوه مع الليل ، فقال المختار لأصحابه : لا يبرحن أحد منكم حتى يسمع منادياً ينادي : يا محمد ، فإذا سمعتموه فاحملوا ، فلما طلع القمر أمر منادياً فنادى : يا محمد ؛ فحملوا على أصحاب مصعب فهزموهم وأدخلوهم عسكرهم ، فلم يزالوا يقاتلونهم حتى أصبحوا ، وأصبح المختار وليس عنده أحد ، وقد أوغل أصحابه في أصحاب مصعب ، فانصرف المختار منهزماً حتى دخل قصر الكوفة ، وجاء أصحابه حين أصبحوا ، فوقفوا ملياً ، فلم يروا المختار ، فقالوا : قد قتل ، فهرب منهم من أطاق الهرب ، فاختفوا بدور الكوفة ، وتوجه منهم نحو القصر ثمانية آلاف ، فوجدوا المختار في القصر ، فدخلوا معه وكانوا قد قتلوا تلك الليلة من أصحاب مصعب خلقاً كثيراً ، منهم محمد بن الأشعث .

الصفحة 29