كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 298 """"""
ذكر خلاف أهل حمص
قال : ولما قتل الوليد أغلق أهل حمص أبوابها ، وأقاموا النوائح والبواكي عليه . وقيل لهم : إن العباس بن الوليد بن عبد الملك أعان عبد العزيز على قتله ، فهدموا داره ، وانتهبوها ، وسلبوا حريمه ، وطلبوه ؛ فسار إلى أخيه يزيد ، وكاتب أهل حمص الأجناد ، ودعوهم إلى الطلب بدم الوليد ، فأجابوهم واتفقوا على ألا يطيعوا يزيد ، وأمروا عليهم معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير ، ووافقهم مروان بن عبد الله بن عبد الملك على ذلك ، فراسلهم يزيد ، فأخرجوا رسله ، فسير إليهم أخاه مسرورا في جمع كثير ، فنزلوا حوارين ، ثم قدم على يزيد سليمان بن هشام ، فرد عليه ما كان الوليد أخذه من أموالهم ، وسيره إلى أخيه مسرور ، وأمرهم بالسمع والطاعة له ؛ وكان أهل حمص يريدون السير إلى دمشق ، فقال لهم مروان بن عبد الله : أرى أن تسيروا إلى هذا الجيش فتقاتلوهم ، فإن ظفرتم بهم كان ما بعدهم أهون عليكم ، ولست أرى المسير إلى دمشق وترك هؤلاء خلفكم .
فقال السمط بن ثابت : إنما يريد خلافكم ، وهو مائل ليزيد ، فقتلوه وقتلوا ابنه ، وولوا عليهم أبا محمد السفياني ، وتركوا عسكر سليمان ذات اليسار ، وساروا إلى دمشق ، فخرج سليمان مجداً في طلبهم ، فلحقهم بالسليمانية - مزرعة كانت لسليمان ابن عبد الملك خلف عذراء .
وأرسل يزيد عبد العزيز بن الحجاج في ثلاثة آلاف إلى ثنية العقاب ، وأرسل هشام بن مصاد في ألف وخمسمائة إلى عقبة السلامية . وأمرهم أن يمد بعضهم بعضا ، ولحقهم سليمان على تعب مقاتلتهم ، فانهزمت ميمنته وميسرته ، وثبت هو في القلب ، ثم حمل أصحابه على أهل حمص حتى ردوهم إلى موضعهم ، وحمل بعضهم على بعض مراراً .
فبينما هم كذلك إذ أقبل عبد العزيز من ثنية العقاب ، فحمل على أهل حمص حتى دخل عسكرهم ، وقتل فيه من عرض له ، فانهزموا ونادوا : يا يزيد بن خالد بن عبد الله القسري الله الله في قومك فكف الناس ، وأخذ أبو محمد السفياني أسيراً ، ويزيد بن خالد بن معاوية ، فأتى بهما سليمان فسيرهما إلى يزيد فحبسهما .

الصفحة 298