كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 299 """"""
واجتمع أمر أهل دمشق ليزيد ، وبايعه أهل حمص ، فأعطاهم العطاء ، وأجاز الأشراف ؛ واستعمل عليهم يزيد بن الوليد ابن معاوية بن يزيد بن الحصين .
ذكر خلاف أهل فلسطين
وفي هذه السنة وثب أهل فلسطين على عاملهم سعيد بن عبد الملك فطردوه ، وكان الوليد قد استعمله عليهم ، فأحضروا يزيد بن سليمان بن عبد الملك فجعلوه عليهم ، فدعا الناس إلى قتال يزيد ، فأجابوه إلى ذلك ؛ وبلغ أهل الأردن أمر أهل فلسطين ، فولوا عليهم محمد بن عبد الملك ، واجتمعوا معهم على قتال يزيد ابن الوليد ، فبعث يزيد إليهم سليمان بن هشام بن عبد الملك في أهل دمشق وأهل حمص الذين كانوا مع السفياني ، وعدتهم أربعة آلاف ونيف ، فبايع الناس ليزيد ، واستعمل ضبعان بن روح على فلسطين وإبراهيم بن الوليد بن عبد الملك على الأردن .
ذكر عزل يوسف بن عمر عن العراق وما كان من أمره ، واستعمال منصور بن جمهور
وفي هذه السنة عزل يزيد بن الوليد يوسف بن عمر عن العراق ، واستعمل منصور بن جمهور ، وقال له لما ولاه العراق : اتق الله واعلم أني إنما قتلت الوليد لفسقه ، ولما أظهر من الجور ، فلا تركب مثل ما قتلناه عليه . فسار حتى إذا بلغ عين التمر كتب إلى من بالحيرة من قواد أهل الشام يخبرهم بقتل الوليد وتأميره على العراق ويأمرهم بأخذ يوسف وعماله ، وبعث بالكتب كلها إلى سليمان بن سليم بن كيسان ليفرقها على القواد ، فحبس الكتب ؛ وحمل كتابه فأقرأه يوسف بن عمر ، فتحير في أمره ، وقال : ما الرأي يا سليمان ؟ قال : ليس لك إمامٌ تقاتل معه ، ولا يقاتل أهل الشام معك ، ولا آمن عليك منصوراً . وما الرأي إلا أن تلحق بشامك .
قال : فكيف الحيلة ؟ قال : تظهر الطاعة ليزيد وتدعو له في خطبتك ؛ فإذا قرب منصور تستخفي عندي وتدعه والعمل .
ثم مضى سليمان إلى عمرو بن محمد بن سعيد بن العاص ، فأخبره بالأمر ، وسأله أن يؤوى يوسف بن عمر عنده ، ففعل ، فانتقل يوسف إليه ، فلم ير رجلٌ كان مثل عتوه خاف مثل خوفه .

الصفحة 299