كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 301 """"""
شديد العقوبة ، مسرفاً في ضرب الأبشار ، وكان يأخذ الثوب الجيد فيمر ظفره عليه فإن تعلق به طاقه ضرب صاحبه ، وربما قطع يده . حكى أنه أتى يوما بثوبٍ فقال لكاتبه : ما تقول في هذا الثوب ؟ قال : كان ينبغي أن تكون بيوته أصغر مما هي . فقال للحائك : صدق يا بن اللخناء . فقال الحائك : نحن أعلم بهذا . فقال لكاتبه : صدق يا بن اللخناء . فقال الكاتب : هذا يعمل في السنة ثوبا أو ثوبين وأنا يمر على يدي في السنة مائة ثوب مثل هذا . فقال للحائك : صدق يا بن اللخناء ، فلم يزل يكذب هذا مرةً ، وهذا مرةً حتى عد أبيات الثوب ، فوجدها تنقص بيتاً من أحد جانبي الثوب ، فضرب الحائك مائة سوط .
وقيل : إنه أراد السفر فدعا جواريه ، فقال لإحداهن : تخرجين معي ؟ قالت : نعم . قال : يا خبيثة . كل هذا من حب النكاح ، يا خادم ، اضرب رأسها . وقال لأخرى : ما تقولين ؟ فقالت : أقيم على ولدي . فقال : يا خبيثة ، كل هذا زهادة في ، اضرب رأسها . وقال لثالثةٍ : ما تقولين ؟ قالت : لا أدري ما أقول ، إن قلت ما قالت إحداهما لم آمن عقوبتك . فقال : يا لخناء وتناقضين وتحتجين ، اضرب رأسها .
وكان قصيراً ، فكان يحضر الثوب الطويل ليفصله ليلبسه ، فإن قال له الخياط : إنه يفضل منه ضرب رأسه ، وإن قال : لا يكفي إلا بعد التصرف في التفصيل سره ذلك ، فكانوا يفصلون له ويأخذون ما بقي . وكان له في ذلك أشياء كثيرة .
فلنرجع إلى أخبار منصور بن جمهور .
قال : وكان دخول منصور الكوفة لأيامٍ خلت من شهر رجب سنة 1 ست وعشرين ومائة ، فأخذ بيوت الأموال ، وأخرج العطاء والأرزاق ، وأطلق من كان في السجون من العمال وأهل الخراج ، وبايع ليزيد بالعراق ، وأقام بقية رجب وشعبان ورمضان ، وانصرف لأيامٍ بقين منه .
وامتنع نصر بن سيار بخراسان من تسليم عمله لعامل منصور ، فإن يزيد كان قد ضم خراسان لمنصور مع العراق .

الصفحة 301