كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 303 """"""
ثم تمثل بقول النابغة :
إن يغلب شقاؤكمو عليكم . . . فإنيّ في صلاحكموا سعيت
وقدم على نصر عهده على خراسان من قبل عبد الله بن عمر ابن عبد العزيز ؛ فقال الكرماني لأصحابه : الناس في فتنة فانظروا لأموركم رجلا .
والكرماني اسمه جديع بن علي الأرذي ، وإنما سمى الكرماني لأنه ولد بكرمان ، فقالوا له : أنت لنا . وقالت المضرية لنصر : إن الكرماني يفسد عليك الأمور ، فأرسل إليه فاقتله أو احبسه .
قال : لا ، ولكن لي أولاد ذكور وإناث ، فأزوج بني من بناته ، وبناتي من بنيه . قالوا : لا . قال : فأبعث إليه بمائة ألف درهم ، وهو بخيل ، فلا يعطى أصحابه شيئاً منها ، فيتفرقون عنه . قالوا : لا ، هذه قوةٌ له ، ولم يزالوا به حتى قالوا له : إن الكرماني لو لم يقدر على السلطنة والملك إلا بالنصرانية واليهودية لتنصر وتهود .
وكان نصرٌ والكرماني متصافيين ، وكان الكرماني قد أحسن إلى نصر في ولاية أسد بن عبد الله القسري . فلما ولي نصر عزل الكرماني عن الرياسة وولاها غيره ، فتباعد ما بينهما ، فلما أكثروا على نصر في أمره عزم على حبسه ، فأرسل صاحب حرسه ليأتيه به ، فأرادت الأزد أن تخلصه من يده ، فمنعهم من ذلك ، وسار مع صاحب الحرس وهو يضحك .
فلما دخل على نصر قال له : يا كرماني ، ألم يأتني كتاب يوسف ابن عمر بقتلك فراجعت وقلت : شيخ خراسان وفارسها ، فحقنت دمك ؟ قال : بلى . قال : ألم أغرم عنك ما كان لزمك من الغرم ، وقسمته في أعطيات الناس ؟ قال : بلى . قال : ألم أرؤس ابنك علياً على كرهٍ من قومك ؟ قال : بلى . قال : فبدلت ذلك إجماعا على الفتنة .
قال الكرماني : لم يقل الأمير شيئاً إلا وقد كان أكثر منه ، وأنا لذلك شاكر ، وقد كان مني أيام أسد ما قد علمت ، ولست أحب الفتنة .
قال سلم بن أحوز : اضرب عنقه أيها الأمير ، وأشار غيره بذلك ، فقام المقدام وقد امة ابنا عبد الرحمن بن نعيم العامري : لجلساء فرعون خيرٌ منكم ؛ إذ قالوا : أرجه
الصفحة 303
336