كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 304 """"""
وأخاه والله لا يقتل الكرماني بقولكم ، فأمر نصر بحبسه في القهندز . فحبس وذلك لثلاث بقين من شهر رمضان ، فتكلمت الأزد فقال نصر : إني حلفت أن أحبسه ، ولا يناله مني سوءٌ ، فإن خشيتم عليه فاختاروا رجلا يكون معه فاختاروا يزيد النحوى ، فكان معه ؛ فجاء رجل من أهل نسف ، فقال لآل الكرماني : ما تجعلون لي إن أخرجته ؟ قالوا : كل ما سالت ، فأتى مجرى الماء في القهندز فوسعه ، وقال لولد الكرماني : اكتبوا لأبيكم يستعد الليلة للخروج .
فكتبوا إليه ، وأدخلوا الكتاب في الطعام ، فتعشى الكرماني ، ويزيد النحوي ، وحصين بن حكيم ؛ وخرجا من عنده .
ودخل الكرماني السرب ، فانطوت على بطنه حيةٌ فلم تضره ؛ وخرج من السرب ، وركب فرسه البشير ، والقيد في رجله ، فأتوا به عبد الملك بن حرملة فأطلق عنه القيد .
وقيل : إن الذي خلص الكرماني مولى له رأى خرقاً فوسعه وأخرجه منه ، فلم يصل الصبح حتى اجتمع معه زهاء ألف ، ولم يرتفع النهار حتى بلغوا ثلاثة آلاف .
وكانت الأزد قد بايعوا عبد الملك بن حرملة . فلما خرج الكرماني قدمه عبد الملك .
قال : ولما خرج الكرماني عسكر نصرٌ بباب مرو الروذ ، وخطب الناس ، فنال من الكرماني ، ثم ذكر الأزد ، فقال : إن يستوسقوا فهم أذل قومٍ ، وإن يأبوا فهم كما قال الأخطل :
ضفادع في ظلماء ليلٍ تجاوبت . . . فدلّ عليها صوتها حيّة البحر
ثم ندم على ما فرط منه ، فقال : اذكروا الله ؛ فإنه خيرٌ لا شر فيه .
واجتمع إلى نصر بشرٌ كثير ، فسفر الناس بينه وبين الكرماني ، وسألوا نصراً أن يؤمنه ، ولا يحبسه ؛ وجاء الكرماني ، فوضع يده في يد نصر ، فأمره بلزوم بيته ، ثم بلغ الكرماني عن نصر شيء ، فخرج إلى قريةٍ له ، وخرج نصرٌ فعسكر بباب مرو ، فكلموه فيه ، فأمنه .
الصفحة 304
336