كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 305 """"""
فلما عزل ابن جمهور عن العراق وولى عبد الله بن عمر في شوال من السنة خطب نصر ، وذكره ، وقال : قد علمت أنه لم يكن من عمال العراق ، وقد عزله الله ، واستعمل الطيب ابن الطيب .
فغضب الكرماني لابن جمهور ، وعاد في جمع الرجال واتخاذ السلاح ؛ فكان يحضر الجمعة في ألف وخمسمائة فيصلي خارج المقصورة ، ثم يدخل فيسلم على نصر ، ولا يجلس ، ثم ترك إتيان نصر وأظهر الخلاف ؛ فأرسل إليه مع سلم بن أحوز ، يقول : إني والله ما أردت بحبسك سوءاً ، ولكن خفت فساد أمر الناس فأتني . فقال : لولا أنك في منزلي لقتلتك ، ارجع إلى ابن الأقطع ، فأبلغه ما شئت من خيرٍ أو شر .
فرجع إلى نصر فأخبره ، فلم يزل يرسل إليه مرةً بعد أخرى ، فكان آخر ما قال له الكرماني : إني لا آمن أن يحملك قوم على غير ما تريد ، فتركب منا ما لا بقية بعده ، فإن شئت خرجت عنك لا من هيبةٍ لك ، ولكن أكره سفك الدماء ، فتهيأ للخروج إلى جرجان ؛ ثم كان من أمر الكرماني ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر الحرب بين أهل اليمامة وعاملهم
قال : لما قتل الوليد بن يزيد كان على اليمامة علي بن المهاجر ، استعمله عليها يوسف بن عمر ، فقال له المهير بن سلمى بن هلال أحد بني الدؤل بن حنيفة : اترك لنا بلادنا ، فأبى ؛ فجمع له المهير ، وسار إليه ، وهو بقصره في قاع هجر ، فالتقوا بالقاع ، فانهزم علي حتى دخل قصره ، ثم هرب إلى المدينة ، وقتل المهير ناساً من أصحابه ، وتأمر المهير على اليمامة ، ثم إنه مات ، واستخلف على اليمامة عبد الله بن النعمان أحد بني قيس بن ثعلبة بن الدؤل ، فاستعمل عبد الله بن النعمان المندلث بن إدريس الحنفي على الفلج - وهي قرية من قرى بني عامر بن صعصعة ، فجمع له بنو كعب ابن ربيعة بن عامر ومعهم بنو عقيل ، فأتوا الفلج ، فلقيهم المندلث ، وقاتلهم ، فقتل المندلث وأكثر أصحابه ، ولم يقتل من بني عامر كثير ، وقتل يومئذ يزيد ابن الطثرية وهي أمه ، تنسب إلى طثر بن عنز بن وائل ، وهو يزيد بن المنتشر .

الصفحة 305