كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 310 """"""
ثم قال : ابسط يدك أبايعك ، وسمعه من مع مروان .
وكان أول من بايعه معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير ورؤوس أهل حمص ، والناس بعد . فلما استقر له الأمر رجع إلى منزله بحران ، وطلب منه الأمان لإبراهيم بن الوليد وسليمان بن هشام فأمنهما فقدما عليه ، وبايعاه .
وفي هذه السنة ظهر عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالكوفة ودعا إلى نفسه ؛ وكان من أمره ما نذكره إن شاء الله في أخبارهم .
ذكر رجوع الحارث بن سريج
وفي هذه السنة كان رجوع الحارث بن سريج إلى مرو ؛ وكان قدومه في جمادى الآخرة سنة 1 سبع وعشرين ومائة ، وكان ببلاد الترك ، وكان مقامه عندهم اثنتي عشرة سنة ، وقد قدمنا من أخباره طرفاً .
وكان سبب عوده أن الفتنة لما وقعت بخراسان بين نصر بن سيار والكرماني في سنة 1 ست وعشرين في خلافة يزيد ابن الوليد كما ذكرنا - خاف نصرٌ قدوم الحارث عليه في أصحابه ، فأرسل مقاتل بن حيان النبطي وغيره ليردوه من بلاد الترك ، وسار خالد بن زياد البدي الترمذي وخالد بن عمرو مولى بني عامر إلى يزيد ، فأخذوا للحارث منه أماناً فأمنه ، وأمر نصر بن سيار أن يرد عليه ما أخذ له ، وأمر عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بذلك ، فلما قدم تلقاه الناس بكشميهن ، ولقيه نصرٌ وأنزله ، وأجرى عليه كل يوم خمسين درهما ، فكان يقتصر على لون واحد ، وأطلق نصر أهله وأولاده ، وعرض عليه نصر أن يوليه ويعطيه مائة ألف دينار ، فلم يقبل .
وأرسل إلى نصر : إني لست من الدنيا واللذات في شيء ، إنما أسأل كتاب الله والعمل بالسنة واستعمال أهل الخير ، فإن فعلت ساعدتك على عدوك .
وأرسل الحارث إلى الكرماني إذا أعطاني نصرٌ العمل بالكتاب وما سألته عضدته وقمت بأمر الله ، وإن لم يفعل أعنتك إن ضمنت لي القيام بالعدل والسنة .
ودعا بني تميم إلى نفسه ، فأجابه منهم ومن غيرهم جمعٌ كثير ، واجتمع إليه ثلاثة آلاف ، وقال لنصر : إنما خرجت من هذه البلدة منذ ثلاث عشرة سنة إنكاراً للجور وأنت تريدني عليه .

الصفحة 310