كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 313 """"""
أرضى عند الناس ، وأولى من مروان بالخلافة ؛ فأجابهم إلى ذلك ، وسار بإخوته ومواليه ، فعسكر بقنسرين ، وأتاه أهل الشام من كل مكان .
وبلغ الخبر مروان ، فرجع إليه من قرقيسياء ، وكتب إلى ابن هبيرة يأمره بالمقام ؛ وكان أولاد هشام وجماعةٌ من موالي سليمان بحصن الكامل ، فمر عليهم مروان فتحصنوا منه ، فأرسل إليهم يحذرهم أن يتعرضوا لأحدٍ ممن يتبعه من جنده ، فإن تعرضوا لأحدٍ فلا أمان لهم ، فأرسلوا إليه إنهم يكفون عنهم .
ومضى مروان فجعلوا يغيرون على من يتبعه ، فاشتد غيظه عليهم .
قال : واجتمع إلى سليمان نحوٌ من سبعين ألفا من أهل الشام والذكوانية وغيرهم ، وعسكر بقرية خساف من أرض قنسرين .
وأتاه مروان والتقوا ؛ واشتد القتال بينهم ، فانهزم سليمان ومن معه ، واتبعهم مروان ، فاستباح عسكره ، وأمر مروان بقتل من يؤتى به من الأسرى إلا عبداً مملوكا ، فأحصى من قتلاهم يومئذ ما نيف على ثلاثين ألف قتيل . وقتل إبراهيم بن سليمان أكبر ولده ، وخالد ابن هشام المخزومي خال هشام بن عبد الملك ، وادعى كثيرٌ من الجند الأسرى أنهم عبيد ؛ فكف عن قتلهم ، وأمر ببيعهم فيمن يزيد .
ومضى سليمان إلى حمص ، وانضم إليه من أفلت ممن كان معه ، فعسكر بها ، وبنى ما كان مروان هدمه من سورها ؛ وسار مروان إلى حصن الكامل ، فحصر من فيه ، وأنزلهم على حكمه ، فمثل بهم ، وأخذهم أهل الرقة فداووا جراحاتهم ، فهلك بعضهم وكانت عدتهم نحو ثلاثمائة .
ثم سار إلى سليمان ، فقال بعضهم لبعض : حتى متى ننهزم من مروان ، فتبايع تسعمائة من فرسانهم على الموت ، وساروا بأجمعهم مجمعين على أن يبيتوه إن أصابوا منه غرةً ، وبلغه خبرهم فتحرز منهم ، فلم يمكنهم أن يبيتوه ، وزحف على احتراز وتعبئة ، فكمنوا في زيتون في طريقه ، فخرجوا عليه وهو يسير على تعبئته ، فوضعوا السلاح فيمن معه ، فنادى مروان خيوله ، فرجعت إليه ، فقاتلوا من لدن ارتفاع النهار إلى بعد العصر ، فانهزم أصحاب سليمان وقتل منهم نحو ستة آلاف .
الصفحة 313
336