كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 314 """"""
فلما بلغ سليمان هزيمتهم خلف أخاه سعيداً بحمص ، ومضى هو إلى تدمر ، فأقام بها ، ونزل مروان على حمص ، فحاصر أهلها عشرة أشهر ، ونصب عليهم نيفاً وثمانين منجنيقاً يرمى بها الليل والنهار ، وهم يخرجون إليه في كل يوم فيقاتلونه . فلما تتابع عليهم البلاء طلبوا الأمان على أن يمكنوه من سعيد ابن هشام وابنيه : عثمان ومروان ، ومن رجل كان يسمى السكسكي ، كان يغير على عسكره ، ومن رجلٍ حبشي كان يشتم مروان ، فأجابهم إلى ذلك ، واستوثق من سعيد وابنيه ، وقتل السكسكي ، وسلم الحبشي إلى بني سليم ، لأنه كان يخصهم بالسب ، فقطعوا ذكره وأنفه ومثلوا به .
ولما فرغ مروان من حمص سار نحو الضحاك الخارجي .
وقيل : إن سليمان لما انهزم بخساف أقبل هاربا حتى التحق بعبد الله ابن عمر بن عبد العزيز بالعراق ، فخرج معه إلى الضحاك ، فقال بعض شعرائهم :
ألم تر أنّ الله أظهر دينه . . . وصلّت قريش خلف بكر بن وائل
ذكر خروج الضحاك محكما وما كان من أمره إلى أن قتل
وفي سنة 1 سبع وعشرين ومائة خرج الضحاك بن قيس الشيباني محكما ودخل الكوفة .
وكان سبب ذلك أن الوليد لما قتل خرج بالجزيرة حروري يقال له سعيد بن بهدل الشيباني في مائتين من أهل الجزيرة ، فاغتنم سعيد قتل الوليد واشتغال مروان بالشام فخرج بأرض كفر توثا ، وخرج بسطام البيهسي ، وهو مخالفٌ لرأيه في مثل عدتهم من ربيعة ، فسار كل واحدٍ منهما إلى صاحبه .
فلما تقاربا أرسل سعيدٌ أحد قواده في مائة وخمسين ، فقتلوا بسطاما ومن معه إلا أربعة عشر رجلا . ثم مضى سعيد نحو العراق فمات في الطريق ، واستخلف الضحاك بن قيس ، فأتى أرض الموصل ثم شهرزور ، فاجتمعت عليه الصفرية حتى صار في أربعة آلاف ، وهلك يزيد بن الوليد وعامله على العراق عبد الله بن عمر بن
الصفحة 314
336