كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 318 """"""
وحج بالناس عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وهو عامل مروان على مكة والمدينة والطائف ، وكان العامل على العراق النضر ابن سعيد الحرشي ، وكان من أمره وأمر ابن عمر والضحاك ما قدمنا ذكره . وكان بخراسان نصر بن سيار والكرماني ، والحارث ابن سريج ينازعانه .
وفيها مات سويد بن غفلة ، وقيل سنة إحدى وثلاثين . وقيل سنة اثنتين وثلاثين ، وعمره مائة وعشرون سنة . والله تعالى أعلم .
سنة 1 ثمان وعشرين ومائة :
ذكر مقتل الحارث بن سريج وغلبة الكرماني على مرو
وفي هذه السنة كان مقتل الحارث بن سريج وغلبة الكرماني على مرو . وكان سبب ذلك أن ابن هبيرة لما ولي العراق كتب إلى نصر ابن سيار بعهد خراسان ، فبايع لمروان بن محمد ، فقال الحارث : إنما أمنني يزيد ولم يؤمني مروان ، ولا يجيز مروان أمان يزيد ، فلا آمنه . فخالف نصراً فأرسل إليه نصر يدعوه إلى الجماعة وينهاه عن الفرقة ، فلم يجبه إلى ذلك ، وخرج فعسكر وأرسل إلى نصر : أن اجعل الأمر شورى ، فأبى نصر ، وأمر الحارث جهم ابن صفوان رأس الجهمية ، وهو مولى راسب ، أن يقرأ سيرته وما يدعو إليه على الناس ، ففعل ، فلما سمعوا ذلك كثروا وكثر جمعه .
وكان الحارث يظهر أنه صاحب الرايات السود ، فأرسل إليه نصر إن كنت كما تزعم وإنكم تهدمون سور دمشق ، وتزيلون ملك بني أمية فخذ مني خمسمائة رأس ومائتي بعير ، واحتمل من الأموال ما شئت وآلة الحرب ، وسر ، فلعمري إن كنت صاحب ما ذكرت إني لفي يدك ، وإن كنت لست ذاك فقد أهلكت عشيرتك ؛ ثم عرض عليه نصر أن يوليه ما وراء النهر ويعطيه ثلاثمائة ألف ، فلم يقبل . فقال له نصر : فابدأ بالكرماني فإن قتلته فأنا في طاعتك ، فلم يقبل .
وأمر الحارث أن تقرأ سيرته في الأسواق والمسجد وعلى باب نصر ، فقرئت ، فأتاه خلق كثير ، وقرأها رجلٌ على باب نصر ، فضربه غلمان نصر ، فنابذهم الحارث وتجهز للحرب ، ودله رجلٌ من أهل مرو على نقب في سورها ، فمضى إليه الحارث فنقبه ، ودخل المدينة من ناحية باب بالين . فقاتله جهم بن مسعود الناجي ، فقتل

الصفحة 318