كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 324 """"""
قيل : كان عدد القتلى سبعمائة ، وكانت هذه الوقعة لسبع مضين من صفر سنة ثلاثين ومائة . والله أعلم .
ذكر دخول أبي حمزة المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام
قال : ودخل أبو حمزة المدينة في ثالث عشر صفر ، ومضى عبد الواحد إلى الشام .
ولما دخل أبو حمزة رقي المنبر فخطب ، وقال : يأهل المدينة ، مررت زمان الأحول - يعني هشام بن عبد الملك - وقد أصاب ثماركم عاهةٌ ، فكتبتم إليه تسألونه أ ، يضع عنكم خرصكم . ففعل فزاد الغني غنىً والفقير فقراً ، فقلتم له : جزاك الله خيراً ، فلا جزاكم الله خيراً ، ولا جزاه . واعلموا يأهل المدينة أنا لم نخرج من ديارنا أشراً ولا بطراً ، ولا عبثاً ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه ولا لثأر قديم نيل منا ، ولكنا لما رأينا مصابيح الحق قد عطلت ، وعنف القائل بالحق ، وقتل القائم بالقسط - ضاقت علينا الأرض بما رحبت ، وسمعنا داعياً يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن ، فأجبنا داعي الله ، ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجزٍ في الأرض ؛ فأقبلنا من قبائل شتى ، ونحن قليلون مستضعفون في الأرض ، فآوانا وأيدنا بنصره ، فأصبحنا بنعمته إخوانا . ثم لقينا رجالكم فدعوناهم إلى طاعة الرحمن ، وحكم القرآن ، فدعونا إلى طاعة الشيطان وحكم بني مروان ، فشتان - لعمر الله - ما بين الغي والرشد . ثم أقبلوا يهرعون قد ضرب الشيطان فيهم بجرانه ، وغلت بدمائهم مراجله ، وصدق عليهم ظنه ، وأقبل أنصار الله تعالى كتائب بكل مهندٍ ذي رونق ، فدارت رحانا ، واستدارت رحاهم بضرب يرتاب منه المبطلون .
وأنتم يأهل المدينة إن تنصروا مروان وآل مروان يسحتكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ، ويشف صدور قومٍ مؤمنين .
يأهل المدينة ؛ أولكم خير أول ، وآخركم شر آخر ، يأهل المدينة ، أخبروني عن ثمانية أسهم فرضها الله تعالى في كتابه على القوي والضعيف ، فجاء تاسعٌ ليس له فيها سهمٌ ، فأخذها لنفسه مكابراً محاربا ربه .
الصفحة 324
336