كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 325 """"""
يأهل المدينة ، بلغني أنكم تنتقصون أصحابي ، قلتم : شبابٌ أحداث ، وأعرابٌ جفاة ، ويحكم وهل كان أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلا شباباً أحداثاً ، شباب والله إنهم مكتهلون في شبابهم ، غضةٌ عن الشر أعينهم ، ثقيلة عن الحق أقدامهم .
قال : وأحسن لاسرة مع أهل المدينة ، واستمال الناس حتى سمعوه يقول : من زنى فهو كافر ، من سرق فهو كافر ، ومن شك في كفرهما فهو كافر .
وأقام أبو حمزة بالمدينة ثلاثة أشهر ، ثم ودعهم ، وقال : يأهل المدينة ، إنا خارجون إلى مروان ، فإن نظفر نعدل في أحكامكم ونحملكم على سنة نبيكم ، وإن يكن ما تتمنون فسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
ذكر مقتل أبي حمزة
قال : ثم سار أبو حمزة نحو الشام ، وكان مروان قد انتخب من عسكره أربعة آلاف فارس ، واستعمل عليهم عبد الملك بن محمد ابن عطية السعدي - سعد هوازن - وأمره أن يجد السير ويقاتل الخوارج ، فإن ظفر فيسير حتى يبلغ اليمن ويقاتل عبد الله بن يحيى طالب الحق ، فسار ابن عطية ، فلقى أبا حمزة بوادي القرى ، فقال أبو حمزة لأصحابه : لا تقاتلوهم حتى تختبروهم . فصاحوا بهم : ما تقولون في القرآن والعمل به ؟ فقال ابن عطية : نضعه في جوف الجوالق . قال : فما تقولون في مال اليتيم ؟ قال ابن عطية : نأكل ماله ونفجر بأمه - في أشياء سألوه عنها .
فلما سمعوا كلامه قاتلوه حتى أمسوا فصاحوا : ويحك يا بن عطية إن الله قد جعل الليل سكناً ، فاسكن .
فأبى وقاتلهم ، فانهزم الخوارج ، وأتوا المدينة فقتلهم أهلها ، وسار ابن عطية إلى المدينة ، فأقام بها شهرا وسار إلى اليمن ، واستخلف على المدينة الوليد بن عروة بن محمد بن عطية ، وعلى مكة رجل من أهل الشام .
ذكر مقتل عبد الله بن يحيى المنعوت بطالب الحق وقتل ابن عطية
قال : وأقبل ابن عطية إلى اليمن ، فبلغ عبد الله خبره وهو بصنعاء ، فأقبل إليه

الصفحة 325