كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 33 """"""
فلما قدم مصعب إلى البصرة في سنة تسع وستين بعث إليه عبد الله بن عمير الليثي الأعور في أربعة عشر ألفاً ، وقيل : في عشرين ألفاً ، فجعل يقول : اثبت نجدة فإنا لا نفر ، فقدم ونجدة بالقطيف ، فأتى نجدة إلى ابن عمير وهو غافل فقاتل طويلاً ، ثم افترقوا ، وأصبح ابن عمير فهاله ما رأى في عسكره من القتلى والجرحى ، فحمل عليهم نجدة ، فلم يثبتوا ، وانهزموا ، وغنم نجدة ما في عسكرهم .
وبعث نجدة بعد هزيمة ابن عمير جيشاً إلى عمان ، واستعمل عليهم عظية بن الأسود الحنفي ، وقد غلب عليها عباد بن عبد الله وابناه سعيد وسليمان ، فقاتلوه ، فقتل عباد واستولى عظية عليها ، فأقام بها أشهراً ، ثم خرج عنها ، واستخلف رجلاً يكنى أبا القاسم ، فقتله سعيد وسليمان ابنا عباد ، فعاد إلى عمان فلم يقدر عليها ، فركب في البحر وأتى كرمان ، وضرب بها دراهم سماها العطوية ، فأرسل إليه المهلب جيشاً ، فهرب إلى سجستان ، ثم أتى السند ، فقتلته خيل المهلب بقندابيل . وبعث نجدة إلى البوادي من يأخذ صدقة أهلها ، ثم سار نجدة إلى صنعاء في خف من الجيش ، فبايعه أهلها ، وبعث أبا فديك إلى حضرموت فجبى صدقات أهلها ، وحج نجدة سنة ثمان وستين ، وقيل في سنة تسع ، وهو في ثمانمائة وستين رجلا ، وقيل في ألفين وستمائة رجل ، فصالح ابن الزبير على أن يصلي كل واحد بأصحابه ، ويقف بهم ، ويكف بعضهم عن بعض ، فلما صدر نجدة عن الحج سار إلى المدينة ، فتأهب أهلها لقتاله ، وتقلد عبد الله ابن عمر سيفاً ، فلما أخبر نجدة أن ابن عمر لبس السلاح رجع إلى الطائف ، فلما قرب منها أتاه عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي ، فبايعه على قومه ، فرجع نجدة إلى البحرين ، فقطع الميرة عن أهل الحرمين ، فكتب إليه ابن عباس : إن ثمامة بن أثال لما أسلم قطع الميرة عن أهل مكة وهم كفار ، فكتب إليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : إن أهل مكة أهل الله ، فلا تمنعهم الميرة ، فخلاها لهم ، وإنك قطعت الميرة عنا ونحن مسلمون ، فخلاها لهم نجدة ، لم تزل عمال نجدة على النواحي حتى اختلف عليه أصحابه ، على ما نذكره . والله أعلم .
الصفحة 33
336