كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 35 """"""
ذكر بناء ابن الزبير الكعبة
كان عبد الله بن الزبير لما احترقت الكعبة - حين غزاه أهل الشام في أيام يزيد بن معاوية ، قد تركها ليشنع بذلك على أهل الشام وقد اختلف في سبب حرق الكعبة ، فقيل : إن ابن الزبير لما حاصره أهل الشام قد وصلوا إليه ، وكانت الليلة ظلماء ذات ريح صعبة ورعد وبرق ، فرفع ناراً على رأس رمح لينظر إلى الناس ، فأطارتها الريح ، فوقعت على أستار الكعبة فأحرقتها ، وجهد الناس في إطفائها فلم يقدروا ، فأصبحت الكعبة تتهافت ، وماتت امرأة من قريش ، فخرج الناس كلهم مع جنازتها خوفاً من أن ينزل عليهم العذاب ؛ وأصبح ابن الزبير ساجداً يدعو ويقول : اللهم إني لم أعتمد ما جرى ، فلا تهلك عبادك بذنبي ، وهذه ناصيتي بين يديك . فلما تعالى النهار أمن وتراجع الناس . حكاه أبو الفرج الأصفهاني بسند رفعه إلى أبي بكر الهذلي ، وقيل في حرقها غير ذلك . فلما مات يزيد واستقر الأمر لابن الزبير ، شرع في بنائها ، فأمر بهدمها حتى ألحقت بالأرض ، وكانت حيطانها قد مالت من حجارة المنجنيق ، وجعل الحجر الأسود عنده ، وكان الناس يطوفون من وراء الأساس ، وضرب عليها الستور ، وأدخل فيها الحجر ، واحتج بأن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال لعائشة رضي الله عنها : لولا حدثان عهد قومك بالكفر لرددت الكعبة على أساس إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وأزيد فيها من الحجر ، فحفر ابن الزبير رضي الله عنهما ، فوجد أساساً أمثال الجمال فحركوا منها صخرة فبرقت بارقة ، فقال : أقروها على أساسها ، وبناها ، وجعل لها بابين يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر . وقيل : كانت عمارتها في سنة أربع وستين . والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .
ذكر الحرب بين عبد الله بن خازم وبين بني تميم بخراسان
في هذه السنة كانت الحرب والفتنة بني عبد الله بن خازم السلمي وبين بني تميم بخراسان ؛ وسبب ذلك أن من كان من بني تميم بخراسان أعانوا ابن خازم على من بها

الصفحة 35