كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 36 """"""
من ربيعة كما تقدم ، فلما صفت له خراسان جفا بني تميم ، وكان قد جعل ابنه محمداً على هراة ، وجعل على شرطته بكير بن وساج ، وضم إليه شماس بن دثار العطاردي وكانت أم محمد تميمية ، فلما جفاهم ابن خازم أتوا ابنه محمداً بهراة ، فكتب إلى أبيه وإلى بكير وشماس ، يأمرهم بمنعهم عن هراة ، فأما شماس فصار مع بني تميم ، وأما بكير فإنه منعهم ، فأقاموا ببلاد هراة ، فأرسل بكير إلى شماس : إني أعطيك ثلاثين ألفاً ، وأعطي كل رجل من تميم ألفا ، على أن ينصرفوا ، فأبوا وأقاموا يترصدون محمد بن عبد الله حتى خرج إلى الصيد ، فأخذوه وشدوه وثاقاً ، ثم قتلوه ، وولوا عليهم الحريش ، فنادى ابن خازم ، وقال : لقد طالت الحرب بيننا ، فعلام يقتل قومي وقومك ، ابرز إلي فأينا قتل صاحبه صارت الأرض له ، فقال ابن خازم : لقد أنصفت ، فبرز إليه ، فالتقيا وتصاولا طويلاً ، فغفل ابن خازم ، فضربه الحريش على رأسه فألقى فروة رأسه على وجهه ، وانقطع ركاباً الحريش ، ولزم ابن خازم عنق فرسه ، ورجع إلى أصحابه ، ثم غاداهم القتال ، فمكثوا أياماً بعد الضربة ، ثم مل الفريقان ، فتفرقوا ، فافترقت تميم ثلاث فرق : فرقة إلى نيسابور مع بحير ابن ورقاء ، وفرقة إلى ناحية أخرى ، وفرقة فيها الحريش إلى مرو الروذ ، فاتبعه ابن خازم إلى قرية تسمى الملحمة ، والحريش في اثنى عشر رجلاً ، وقد تفرق عنه أصحابه وهم في خربة ، فلما انتهى إليه قال له الحريش : ما تريد مني وقد خليتك والبلاد ، قال : إنك تعود إليها ، قال : لا أعود ؛ فصالحه على أن يخرج عن خراسان ولا يعود إلى قتاله ، فأعطاه ابن خازم وضمن له وفاء دينه .
وفي هذه السنة سنة 65 وقع طاعون الجارف بالبصرة ، وعليها عبيد الله بن عبد اله بن معمر ، فهلك خلق كثير ، وماتت أم عبيد الله فلم يجدوا لها من يحملها ، حتى استأجروا من تولى حملها .
وحج بالناس عبد الله بن الزبير ، وكان على المدينة مصعب ابن الزبير ، وعلى الكوفة عبد الله بن مطيع ، وعلى البصرة الحارث ابن أبي ربيعة المخزومي ، وعلى خراسان عبد الله بن خازم .

الصفحة 36