كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 38 """"""
أمامكم ، وإن شئتم كنت خلفكم ، فأبوا عليه ، فقال سأريكم ؛ ثم خرج هو ورقبة بن الحر وغلام تركي وابن ظهير ، فحملوا على القوم حملة منكرة فأفرجوا لهم ، فمضوا . فأما زهير فرجع إلى من بالقصر ونجا أصحابه ، فقال زهير لمن بالقصر : قد رأيتم ، أطيعوني ، فقالوا : إنا نضعف عن هذا ونطمع في الحياة ، فقال : والله لا أكون أعجزكم عند الموت ، فنزلوا على حكم ابن خازم ، فأرسل إليهم فقيدهم ، وحملوا إليه رجلا رجلا ، فأراد أن يمن عليهم ، فأبى عليه ابنه موسى ، وقال له : إن عفوت عنهم قتلت نفسي ، فقتلهم إلا ثلاثة ، أحدهم الحجاج ابن ناشب ، شفع فيه بعض من معه فأطلقه ، والآخر جيهان بن مشجعة الضبي ، وكان قد منع القوم من قتل محمد عبد الله ، ورمى نفسه عليه ، فأبوا ، فتركه لذلك ، والآخر رجل من بني سعد من تميم ، وهو الذي رد الناس عن ابن خازم يوم لحقوه ، وقال : انصرفوا عن فارس مضر .
قال : ولما أرادوا حمل زهير بن ذويب وهو مقيد أبى ، واعتمد على رمحه ، فوثب الخندق ، ثم أقبل إلى ابن خازم يحجل في قيوده ؛ فقال له ابن خازم : كيف شكرك إن أطلقتك وأطعمتك ميسان ؟ قال : لو لم تصنع بي إلا حقن دمى لشكرتك ، فلم يمكنه ابنه موسى من إطلاقه ، فقال له أبوه : ويحك ، تقتل مثل زهير ، من لقتال عدو المسلمين ، من لنساء العرب ؟ فقال : والله لو شركت في دم أخير لقتلتك ، فأمر بقتله ، فقال زهير : إن لي حاجة ، لا تقتلني وتخلط دمي بدماء هؤلاء اللئام ، فقد نهيتهم عما صنعوا ، وأمرتهم أن يموتوا كراماً ويخرجوا عليكم مصلتين ، وأيم الله لو فعلوا لذعروا بنيك هذا . وشغلوه بنفسه عن طلب ثأر أخيه ، فأمر به ابن خازم فقتل ناحية .
سنة سبع وستين
في هذه السنة استعمل عبد الله بن الزبير أخاه مصعباً على البصرة ، فقتل المختار كما تقدم ، قم عزله عن العراق ، واستعمل ابنه حمزة بن عبد الله . وكان حمزة جواداً مخلطاً ، يجود أحياناً حتى لا يدع شيئاً يملكه ، ويمنع أحياناً ما لا يمنع مثله ، وظهر منه بالبصرة خفة وضعف ، فكتب الأحنف إلى أبيه ، وسأله أن يعزله عنهم ، ويعيد مصعباً ، فعزله ، فاحتمل مالاً كثيراً من مال البصرة ، فعرض له مالك ابن مسمع ،

الصفحة 38