كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 4 """"""
عنه سنة ثم سأل عنه ابن الزبير ، فقيل له : إنه بالطائف ، وإنه يزعم أنه صاحب الغضب ومبيد الجبارين ، إن يهلك الله الجبارين يكن المختار أولهم . فبينا هو في حديثه إذ دخل المختار ، فطاف وصلى ركعتين ، وجلس وأتاه معارفه يحدثونه ، وما يأت ابن الزبير ، فوضع ابن الزبير عليه عباس بن سهل بن سعد ، فأتاه ، وسأله عن حاله ، ثم قال له : مثلك يغيب من الذي قد اجتمع عليه الأشراف من قريش والأنصار وثقيف ؟ ولم تبق قبيلة إلا وقد أتاه زعيمها ، فبايع هذا الرجل .
فقال : إني أتيه في العام الماضي فكتم عني خبره ، فلما استغنى عني أحببت أن أريه أني مستغنٍ عنه ، فقال له العباس : ألقه الليلة وأنا معك ، فأجابه إلى ذلك ، وحضر عند ابن الزبير بعد العتمة ، فقال له المختار : أبايعك على ألا تقضي الأمور دوني ، وعلى أن أكون أول داخلٍ عليك ، وإذا ظهرت استعنت بي على أفضل عملك .
فقال ابن الزبير : أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله . فقال : وشر غلماني تبايعه على ذلك ، والله لا أبايعك أبداً إلا على ذلك ، فبايعه وأقام عنده ، وشهد معه قتال الحصين ، وكان أشد الناس على أهل الشام ، فلما مات يزيد وأطاع أهل العراق عبد الله ابن الزبير ، أقام المختار عنده خمسة أشهر ، فلما رآه لا يستعمله جعل يسأل من يقدم من الكوفة عن حال الناس ، فأخبره هانئ بن أبي حية الوداعي باتفاق أهل الكوفة على طاعة ابن الزبير إلا طائفة من الناس ، لو كان لهم من يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض إلى يوم ما .
فقال المختار ، أنا أبو إسحاق أنا والله لهم ، أنا أجمعهم على الحق ، وأتقي بهم ركبان الباطل ، وأقتل بهم كل جبار عنيد .
ثم ركب دابته وسار نحو الكوفة فوصل إليها .
و اختلفت الشيعة إليه ، وبلغت خبر سليمان بن صرد وأنه على عزم المسير ، فقام في الشيعة فحمد الله ، ثم قال : إن المهدي وابن الرضا ، يعني محمد ابن الحنيفة ، بعثني إليكم أمنيناً ووزيراً ومنتخباً وأميرا ، وأمرني بقتال الملحدين ، والطلب بدم أهل بيته .

الصفحة 4