كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 40 """"""
رضي الله عنه ، فقال له علي رضي الله عنه : ظاهرت علينا عدونا وفعلت وفعلت . فقال له : أيمنعني ذلك من عدلك ؟ قال : لا ، فقص عليه قصته فرد عليه امرأته وكانت حبلى ، فوضعها عند من يثق إليه حتى وضع فألحق الولد بعكرمة ، ودفع المرأة إلى عبيد الله ، وعاد إلى الشام فأقام به حتى قتل علي رضي الله عنه ، فرجع إلى الكوفة ، فلما كان في وقت قتل الحسين تغيب عبيد الله عمداً ، فجعل ابن زياد يتفقد أشراف أهل الكوفة ، فلم ير ابن الحر ثم جاء بعد ذلك فقال : أين كنت يا ابن الحر ؟ قال : كنت مريضاً . قال : كذبت ، ولكنك كنت مع عدونا . قال : لو كنت معه لرئي مكاني . وغفل عنه ابن زياد ، فخرج وركب فرسه ، ثم طلبه فقيل له : ركب الساعة ، فبعث الشرط خلفه فأدركوه فقالوا : أجب الأمير ، فقال : بلغوه عني أني لا آتيه طائعاً أبداً ، وركض فرسه ، وأتى منزل أحمد بن زياد الطائي ، فاجتمع إليه أصحابه ، ثم خرج حتى أتى كربلاء ، فنظر إلى مصارع الحسين رضي الله عنه ، ومن قتل معه ، فاستغفر لهم ثم مضى إلى المدائن . وقال في ذلك :
يقول أمير غادر حق غادر . . . ألا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمه
ونفسي على خذلانه واعتزاله . . . وبيعة هذا الناكث العهد لائمه
فياندمى ألا أكون نصرته . . . ألا كل نفس لا تسدد نادمه
وإني لأني لم أكن من حماته . . . لذو حسرة ما إن تفارق لازمه
سقى الله أرواح الذين تآزروا . . . على نصره سقيا من الغيث دائمه
وقفت على أجداثهم ومجالهم . . . فكاد الحشى ينقض والعين ساجمه
لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى . . . سراعاً إلى الهيجا حماة خضارمه
تأسوا على نصر ابن بنت نبيهم . . . بأسيافهم آساد غيل ضراغمه
فإن يقتلوا فكل نفس تقية . . . على الأرض قد أضحت لذلك واجمه
الصفحة 40
336