كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 43 """"""
وبشر بن عبد الله الأسدي ، فنزل الجون بحولايا ، فخرج إليه عبد الرحمن بن عبد الله فقتله ابن الحر وهزم أصحابه ، وخرج إليه بشير بن عبد الرحمن ابن بشير العجلي ، فقاتله بسورا قتالاً شديدا ، فرجع عنه بشير ، وأقام ابن الحر بالسواد يغير ويجبى الخراج . ثم لحق بعبد الملك بن مروان ، فلما صار إليه أكرمه وأجلسه معه على السرير ، وأعطاه مائة ألف درهم ، وأعطى لمن معه مالاً ، فقال له ابن الحر : وجهني بجند أقاتل بهم مصعبا ، فقال له : سر بأصحابك ، وادع من قدرات عليه ، وأنا ممدك بالرجال ، فسار في أصحابه نحو الكوفة إلى أن انتهى إلى الأنبار ، فنزل بقرية بجوارها ، واستأذنه أصحابه في إتيان الكوفة ، فأذن لهم ، وأمرهم أن يعلموا أصحابه بمقدمه ليخرجوا إليه ، فبلغ ذلك القيسية فأتوا الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة معامل ابن الزبير بالكوفة ، فسألوه أن يرسل معهم جيشاً يقاتلون به عبيد الله ويغتنمون الفرصة فيه بتفريق أصحابه ، فبعث معهم جيشاً كثيفاً ، فساروا إليه ، فقال له من بقي معه من أصحابه : نحن في نفر يسير ، ولا طاقة لنا بهذا الجيش ، فقال : كنت لأدعهم ، وحمل علهيم وهو يقول : يالك يوما فات فيه نهبي وغاب عني ثقتي وصحبي فعطفوا عليه فكشفوا أصحابه ، وحاولوا أن يأسروه ، فلم يقدروا على ذلك ، وأذن لأصحابه في الذهاب ، فذهبوا فلم يعرض لهم أحد ، وجعل يقاتل وحده وهم يرمونه ولا يدنون منه ، وهو يقول : أهذه نبل أم مغازل فلما أثخنته الجراح خاض إلى معبر فدخله ولم يدخل فرسه ، فركب السفينة ، ومضى به الملاح حتى توسط الفرات ، فأشرفت الخيل عليهم ، وكان في السفينة نبط ، فقالوا لهم : إن في السفينة طلبة أمير المؤمنين ، فإن فاتكم قتلناكم ، فوثب ابن الحر ليرمي نفسه في الماء ، فوثب إليه رجل عظيم الخلق ، فقبض على يديه ، وجراحاته تجري دماً ، وضربه الباقون بالمجاديف ، فقبض على الذي أمسكه ، وألقى نفسه في الماء ، فغرقا معاً .
وقيل في قتله : إنه كان يغثى مصعب بن الزبير بالكوفة فرآه يقدم عليه غيره ،
الصفحة 43
336