كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 46 """"""
ولا أقدر أمنعك منه ؛ فعليك بمالك بن مسمع ، فخرج خالد يركض فرسه حتى أتى مالكاً فقال : أجرني فأجاره ، وأرسل إلى بكر بن وائل والأزد ، فأقبلت إليه ، وأقبل عباد في الخيل ، فتواقفوا ولم يكن بينهم قتال ، فلما كان الغد غدوا إلى جفرة نافع بن الحارث ، ومع خالد رجال من تميم ، منهم صعصعة بن معاوية وعبد الله بن بشر ومرة بن محكان وغيرهم ، وكان من أصحاب خالد ، عبيد الله بن أبي بكرة ، وحمران بن أبان ، والمغيرة بن المهلب . ومن أصحاب ابن معمر ؛ قيس بن الهيثم السلمي ، وأمده مصعب بزحر بن قيس الجعفي في ألف ، وأمده عبد الملك خالداً بعبيد الله بن زياد بن ظبيان ، فبلغه تفرق الناس ، فرجع إلى عبد الملك . والتقى القوم ، واقتتلوا أربعة وعشرين يوماً ، ومشت بينهم السفراء ، فاصطلحوا على أن يخرج خالداً من البصرة ، فأخرجه مالك ، ولحق مالك بثأج ، وجاء مصعب إلى البصرة ، وطمع أن يدرك خالداً فوجده قد خرج ، فسخط على ابن معمر ، وقال لعبيد الله بن أبي بكرة : يا ابن مسروح ، إنما أنت ابن كلبة تعاورها الكلاب ، فجاءت بأحمر وأصفر وأسود من كل كلب بما يشبهه ، وإنما كان أبوك عبداً نزل إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من حصن الطائف ، ثم ادعيتم أن أبا سفيان زنى بأمكم ، ووالله لئن بقيت لألحقنكم بنسبكم .
ثم دعا حمران فقال له : إنما أنت ابن يهودية علج نبطي سبيت من عين التمر . وقال للحكم بن المنذر بن الجارود ، ولعبد الله ابن فضالة الزهراني ، ولعلي بن أصمع ، ولعبد العزيز بن بشر وغيرهم نحو هذا من التوبيخ والتقريع ، وضربهم مائة مائة ، وحلق رؤسهم ولحاهم وهدم دورهم ، وصهرهم في الشمس ثلاثا ، وحملهم على طلاق نسابهم ، وجهز أولادهم في البعوث ، وطاف بهم في أقطار البصرة ، وأحلفهم ألا ينكحوا الحرائر ، وهدم دار مالك ابن مسمع ، وأخذ ما فيها ؛ فكان فيما أخذ منها جارية ولدت له عمرو بن مصعب .
وأقام مصعب بالبصرة ، ثم شخص إلى الكوفة فلم يزل بها حتى خرج لحرب عبد الملك .
وحج بالناس في هذه السنة عبد الله بن الزبير .

الصفحة 46