كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 49 """"""
حكى أبو عمر بن عبد البر في كتابه المترجم بالاستيعاب أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أتى مروان يوماً ، فقال : ويلك وويل أمة محمد منك ومن بنيك إذا شابت ذراعاك . وكان مروان يقال له خيط باطل ، وضرب يوم الدار على قفاه فخر لفيه . وفيه يقول أخوه عبد الرحمن بن الحكم وكان ماجناً شاعراً ، وكان لا يرى رأى مروان :
فوالله ما أدرى وإني لسائل . . . حليلة مضروب القفا كيف يصنع
لحا الله قوماً أمروا خيط باطل . . . على الناس يعطى من يشاء ويمنع
وقيل : إنه قال ذلك حين ولاه معاوية المدينة ، وكان كثيراً ما يهجوه .
وأم مروان آمنه بنت علقمة بن صفوان ، وكان مروان قصيراً رقيقاً أو قص ، بويع له بالجابية يوم الخميس لسبع بقين من شهر رجب سنة أربع وستين ، وقيل في ذى القعدة منها .
ذكر السبب في بيعة مروان
كان سبب بيعته أن عبد الله بن الزبير لما بويع له بالحجاز والعراق استعمل أخاه عبيدة بن الزبير على المدينة ، فأخرج مروان بن الحكم وابنه منها إلى الشام ؛ فلما قدم الحصين بن نمير ومن معه إلى الشام أخبر مروان بما كان بينه وبين ابن الزبير ، وقال له ولبني أمية : أقيموا أمركم قبل أن يدخل عليكم شامكم ، فتكون فتنة عمياء صماء . وكان من رأى مروان أن يسير إلى عبد الله بن الزبير فيبايعه ، فلما قدم عبيد الله بن زياد من العراق قال لمروان : لقد استحييت لك من ذلك ، وأنت كبير قريش وسيدها ؛ وقبح ذلك عليه ، فقال : ما فات شيء بعد ، وقام إليه بنو أمية ومواليهم فتجمع إليه أهل اليمن ، فسار إلى دمشق فقدمها والضحاك بن قيس الفهري يصلي بالناس قد بايعوه على ذلك إلى أن يتفق رأى الناس على إمام ، وهو يدعو إلى ابن الزبير سراً ، والنعمان بن بشير الأنصاري بحمص يبايع له أيضاً . وكان حسان بن مالك بن بحدل الكلبي غلاماً لمعاوية وابنه يزيد بفلسطين وهو يريد بني أمية .