كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 5 """"""
فبايعه إسماعيل بن كثير وأخوه ، وعبيدة بن عمرو ، وكانوا أول من أجابه ، وبعث إلى الشيعة وقد اجتمعوا عند ابن صرد ، وقال لهم نحو ذلك ، وقال : إن سليمان ليس له تجربة بالحرب ولا بالأمور ، إنما يريد أن يخرجكم وفيقتلكم ويقتل نفسه ، وأنا أعمل على مثالٍ مثل لي ، وأمر بين لي ، فيه عز وليكم ، وقتل عدوكم ، وشفاء صدوركم ، فاسمعوا قولي ، وأطيعوا أمري ، ثم ابشروا .
فمازال بهذا ونحوه حتى استمال طائفة من الشيعة ، فكانوا يختلفون إليه ويعظمونه ، وأكثر الشيعة مع ابن صرد ، وهو أثقل خلق الله على المختار .
فلما خرج سليمان بن صرد على ما قدمناه قال عمر بن سعد ، وشبث بن ربعي ، ويزيد بن الحارث بن رويم لعبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة : إن المختار أشد عليكم من سليمان ، إن سليمان إنما خرج يريد قتال عدوكم ، والمختار يريد أن يثب عليكم في مصركم ، فأتوه ، وأخذوه بغتة ، وحملوه إلى السجن ، فكان يقول في السجن : أما ورب البحار ، والنخيل والأشجار ، والمهامة ، والقفار ، والملائكة الأبرار ، والمصطفين الأخيار ، لأقتلن كل جبار ، بكل لدنٍ خطار ، ومهند بتار ، وجموع الأنصار ، وليسوا بميل أغمار ، ولا بعزلٍ أشرار ، حتى إذا أقمت عمود الدين ، ورأبت شعب صدع المسلمين ، وشفيت غليل المؤمنين ، وأدركت بثأر النبيين ، لم يكبر على زوال الدنيا ، ولم أحفل بالموت إذا أتى .
و قيل في خروج المختار إلى الكوفة غير ما تقدم ، وهو أنه قال لعبد الله بن الزبير وهو عنده : إني لأعلم قوما لو أن لهم رجلاً له علم بما يأتي ويذر لاستخرج لك منهم جنداً يقاتل بهم أهل الشام . قال : من هؤلاء ؟ قال : شيعة علي " رضي الله عنه " بالكوفة ، قال : فكن أنت ذلك الرجل ؛ فبعثه إلى الكوفة ، فنزل ناحيةً منها يبكي على الحسين ويذكر مصابه حتى ألفه الناس وأحبوه ، فنقلوه إلى وسط الكوفة ، وأتاه منهم بشر كثير " والله أعلم "
ذكر وثوب المختار بالكوفة
كان وثوب المختار بالكوفة في رابع عشر شهر ربيع الأول سنة " 66 ه " ست وستين ، وكان سبب ذلك أنه لما قتل سليمان بن صرد قدم من بقي من أصحابه إلى الكوفة ، وكان المختار محبوساً كما ذكرنا ، فكتب إليهم من السجن يثني عليهم ، ويمنيهم

الصفحة 5