كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 51 """"""
قال الضحاك : فما الرأي ؟ قال : الرأي أن نظهر ما كنا نكتم وندعو إلى ابن الزبير ، فرجع الضحاك بمن معه من الناس ، فنزل مرج راهط ودمشق بيده ، واجتمع بنو أمية وحسان وغيرهم بالجابية ، فكان حسان يصلى بهم أربعين يوماً والناس يتشاورون ، وكان مالك بن هبيرة السكوني يهوى خالد بن يزيد والحصين بن نمير يميل إلى مروان ، فقال مالك للحصين : هلم نبايع هذا الغلام الذي نحن ولدنا أباه وهو ابن أختنا ، وقد عرفت منزلتنا من أبيه ، فإنه يحملنا على رقاب العرب . يعني خالد بن يزيد . فقال الحصين : لا والله لا تأتينا العرب بشيخ ونأتيها بصبي . فقال مالك : والله لئن استخلفت مروان ليحسدنك على سوطك وشراك نعلك وظل شجرة تستظل بها ، إن مروان أبو عشرة وأخو عشرة وعم عشرة ، فإن بايعتموه كنتم عبيداً لهم ، ولكن عليكم بابن أختكم خالد ، فقال الحصين : إني رأيت في المنام قنديلا معلقا من السماء وأن من يلي الخلافة يتناوله ، فلم ينله إلا مروان ؛ والله لنستخلفنه .
وقام روح بن زنباع الجذامى فقال : أيها الناس ، إنكم تذكرون عبد الله بن عمر وصحبته وقدمه في الإسلام ، وهو كما تذكرون ، ولكنه ضعيف ، وليس بصاحب أمة محمد الضعيف ، وتذكرون ابن الزبير وهو كما تذكرون ، إنه ابن حواري رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأمه ذات النطاقين ، ولكنه منافق قد خلع خليفتين : يزيد ، وابنه معاوية ، وسفك الدماء ، وشق عصا المسلمين ، وليس المنافق بصاحب أمة بمحمد وأما مروان بن الحكم فوالله ما كان في الإسلام صدع إلا كان ممن يشعبه ، وهو الذي قاتل هم أمير المؤمنين عثمان بن عفان يوم الدار ، والذي قاتل علي بن أبي طالب يوم الجمل ، وإنا نرى للناس أن يبايعوا الكبير ، ويستشبوا الصغير - يعنى بالكبير مروان ، وبالصغير خالد بن يزيد . فأجمع رأيهم على البيعة لمروان ، ثم لخالد ابن يزيد ، ثم لعمرو بن سعيد بن العاص من بعد خالد ، على أن إمرة دمشق لعمرو ، وإمرة حمص لخالد .
فدعا حسان خالداً ، فقال : يا بن أختي ؛ إن الناس قد أبوك لحداثة سنك ، وإني والله ما أريد المر إلا لك ولأهل بيتك ، وما أبايع مروان إلا نظرا لكم . فقال خالد : بل عجزت عنا . فقال : والله ما أنا عجزت ، ولكن الرأي لك ما رأيت .
ثم بايعوا مروان لثلاث خلون من ذى القعدة سنة أربع وستين ، وقال مروان حين بويع له :