كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)
"""""" صفحة رقم 56 """"""
ذكر البيعة لعبد الملك وعبد العزيز ابني مروان ابن الحكم بولاية العهد
وفي سنة خمس وستين أمر مروان بالبيعة لابنيه : عبد الملك ، وعبد العزيز ، وكان سبب ذلك أن عمرو بن سعيد كان قد توجه إلى فلسطين ، وقاتل مصعب بن الزبير حين وجهه أخوه عبد الله إليها فهزم مصعبا ، ورجع إلى مروان وهو بدمشق ، وقد غلب على الشام ومصر ، فبلغ مروان أن عمرو بن سعيد يقول : إن الأمر لي من بعد مروان ، فدعا حسان بن مالك بن بحدل ، فأخبره بما بلغه عن عمرو ، فقال : أنا أكفيك عمراً . فلما اجتمع الناس عند مروان قام حسان فقال : إنه بلغني أن رجالاً يتمنون أماني ، قوموا فبايعوا لعبد الملك وعبد العزيز من بعده ، فبايعوا من عند آخرهم .
وفي هذه السنة بعث مروان بن الحكم بعثين : أحدهما مع عبيد الله بن زياد إلى الجزيرة ومحاربة زفر بن الحارث بقرقيسيا ، واستعمله على كل ما يفتتحه ، فإذا فرغ من الجزيرة توجه لقصد العراق . فلما كان بالجزيرة بلغه موت مروان ، وأتاه عهد عبد الملك بن مروان يستعمله على ما استعمله عليه أبوه ويحثه على المسير إلى العراق .
والبعث الثاني مع حبيش بن دلجة القيني ، فسار حتى انتهى إلى المدينة وعليها جابر بن الأسود بن عوف ابن أخي عبد الرحمن بن عوف من قبل ابن الزبير ، فهرب منه جابر . ثم إن الحارث بن أبي ربيعة وجه جيشاً من البصرة وجعل عليهم الحنتف بن السجف التميمي لحرب حبيش . فلما سمع بهم حبيش سار إليهم من المدينة ، وأرسل عبد الله بن الزبير عباس ابن سهل الساعدي إلى المدينة أميرا ، وأسره أن يسير في طلب حبيش حتى يوافي جيش البصرة ، فأقبل عباس في آثارهم حتى لحقهم بالربذة فقاتلهم حبيش ، فرماه يزيد بن سياه بسهم فقتله ، وكان معه يومئذ يوسف بن الحكم ، وابنه الحجاج بن يوسف ، وهما على جمل واحد ، وانهزم أصحابه فتحرز منهم خمسمائة بالمدينة ، فقال لهم عباس : انزلوا على حكمي ، فنزلوا فقتلهم ، ورجع فل حبيش إلى الشام .