كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 59 """"""
في سنة ست وستين أرسل عبد الله بن عباس ابنه علي ابن عبد الله إلى عبد الملك ، وقال : لأن يربني بنو عمي أحب إلي من أن يربني رجل من بني أسد - يعني ببني عمه بني أمية ، لأنهم كلهم أولاد عبد مناف ، ويعني بالرجل من بني أسد عبد الله بن الزبير .
فلما وصل إلى عبد الملك سأله عن اسمه وكنيته ، فقال : الاسم علي ، والكنية أبو الحسن . فقال عبد الملك : لا يجتمع هذا الاسم وهذه الكنية في عسكري أنت أبو محمد .
ذكر مقتل عمرو بن سعيد الأشدق وشيء من أخباره ونسبه
هو عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف ، ويسمى عمرو الطيم لميل كان في فمه ، فمن أجل ذلك قيل له لطيم الشيطان ، ويسمى الأشدق لتشادقه في الكلام ، وكان من فصحاء قريش وأهل الخطابة منهم . وقيل في تسميته الأشدق : إنه لما مات سعيد والده دخل عمرو على معاوية فاستنطقه ، فقال : إن أول مركب صعب . فقال له معاوية : إلى من أوصى بك أبوك ؟ فقال : إن أبي أوصاني ولم يوصى بي . قال : فبأي شيء أوصاك ؟ قال : ألا يفقد منه أصحابه غير شخصة . فقال معاوية : إن عمراً هذا لأشدق .
ولنذكر سبب مقتله ثم نذكر نبذة من أخبار آبائه : كان سبب مقتله أن عبد الملك بن مروان سار في سنة تسع وستين من دمشق يريد قرقيسياء ، يريد زفر بن الحارث الكلابي ، وصحبه عمرو بن سعيد في سيره ، فلما بلغ بطنان حبيب رجع عمرو ليلا ومعه حميد بن حريث وزهير بن الأبرد الكلبيان ، فأتى دمشق وعليها عبد الرحمن ابن أم الحكم الثقفي خليفة عبد الملك بها ، فهرب عنها ودخلها عمرو ، فغلب عليها وعلى خزائنها ، وهدم دار ابن أم الحكم ؛ واجتمع الناس إليه ، فخطبهم ومناهم ووعدهم ، وأصبح عبد الملك وقد فقد عمراً ، فسأل عنه فأخبر برجوعه ، فرجع إلى دمشق ، فقاتله أياماً ، ثم اصطلحا ، وكتبا بينهما كتابا ، وأمنه عبد الملك ، فجاءه عمرو واجتمعا ، ودخل عبد الملك دمشق .

الصفحة 59