كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
الظفر ، ويعرفهم أن محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية أمره بطلب الثأر ، فقرأ كتابه رفاعة بن شداد والمثنى بن مخربة العبدي ، وسعد بن حذيفة بن اليمان ، ويزيد بن أنس ، وأحمر بن شميط ، وعبد الله بن شداد البجلي ، وعبد الله بن كامل . فلما قرؤوا كتابه بعثوا إليه ابن كامل يقولون : إننا بحيث يسرك ، فأن شئت أن نأتيك ونخرجك من الحبس فعلنا ، فقال : إني أخرج في أيامي هذه . وكان المختار قد أرسل إلى عبد الله ابن عمر يقول : إني حبست مظلوماً ، وطلب " منه " أن يشفع فيه إلى عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة .
فكتب ابن عمر إليهما في أمره ، فشفعاه فيه ، وأخرجاه من السجن ، وحلفاه أن لا يبغيهما غائلة ، ولا يخرج عليهما مادام لهما سلطان ، فإن فعل فعليه ألف بدنة ينحرها عند الكعبة ، ومماليكه أحرار .
فلما خرج نزل بداره ، وقال لمن يثق به : قاتلهم الله ، ما أحمقهم حين يرون أني أفي لهم ، أما حلفي بالله فإنني إذا حلفت على يمين فرأيت خيراً منها أكفر عن يميني ، وخروجي عليهم خير من كفي عنهم ، وأما هدي البدن ، وعتق الممليك ، فهو أهون علي من بصقة ، وددت أني تم لي أمي ، ولا أملك بعده مملوكاً أبداً .
ثم اختلفت إليه الشيعة ، واتفقوا على الرضا به ، ولم يزل أصحابه يكثرون وأمره يقوى ، حتى عزل عبد الله بن الزبير عبد الله ابن يزيد وإبراهيم بن محمد ، واستعمل عبد الله بن مطيع عل عملهما بالكوفة .
و قدم ابن مطيع الكوفة لخمسٍ بقين من شهر رمضان سنة " 65 ه " خمس وستين ، ولما قدم صعد النبر ، فخطب الناس وقال : أما بعد ، فإن أمير المؤمنين بعثني على مصركم وثغوركم ، وأمرني بجباية فيئكم وألا أحمل فضلة عنكم إلا برضا منكم ، وأن أتبع فيكم وصية عمر بن الخطاب التي أوصى بها عند وفاته ، وسيرة عثمان بن عفان رضي الله عنهما ، فاتقوا الله واستقيموا ، ولا تختلفوا علي ، وخذوا على أيدي سفهائكم ، فإن لم تفعلوا فلوموا أنفسكم . فقام إليه السائب بن مالك الأشعري ، فقال : أما حمل فينا برضانا فإنا نشهد ألا نرضى أن تحمل عنا فضلة وألا تقسم إلا فينا ،

الصفحة 6