كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 61 """"""
ما هو أعظم من ذلك . فقال : والله لو أعلم أنك تبقي علي إن أبقيت عليك لأطلقتك ، ولكن ما اجتمع رجلان قط في بلدة على ما نحن عليه إلا أخرج أحدهما صاحبه ، وأذن المؤذن ، وأقيمت صلاة العصر ، فخرج عبد الملك يصلي بالناس ، وأمر أخاه عبد العزيز أن يقتله ، فقام إليه بالسيف ، فقال له عمرو : أذكرك الله والرحم أن تلي قتلي ، ليقتلني من هو أبعد رحماً منك ؛ فألقى عبد العزيز السف ، وجلس . وصلى عبد الملك صلاة خفيفة ، ودخل وغلقت الأبواب ، ورأى الناس عبد الملك خرج وتأخر عمرو ، فذكروا ذلك لأخيه يحيى بن سعيد ، فأقبل في الناس ومعه ألف عبد لعمرو ، وخلق كثير ، فجعلوا يصيحون بباب عبد الملك : أسمعنا صوتك يا أبا أمية وأقبل مع يحيى حميد بن حريث وزهير بن الأبرد ، فكسروا باب المقصورة ، وضربوا الناس بالسيوف وضرب الوليد بن عبد الملك على رأسه ، واحتمله إبراهيم بن عربى صاحب الديوان ، فأدخله بيت القراطيس ، ودخل عبد الملك حين صلى فرأى عمراً بالحياة ، فسب أخاه عبد العزيز ، ثم أخذ عبد الملك الحربة فطعن بها عمراً ، فلم تغن شيئاً ، ثم ثنى فلم تجز ، فضرب بيده إلى عضده فرأى الدرع ، قال : ودارع أيضاً إن كنت لمعدا ، وأخذ الصمصامة وأمر بعمرو فصرع ، وجلس على صدره فذبحه ، وهو يقول :
يا عمرو إلا تدع شتمى ومنقصتي . . . أضربك حيث تقول الهامة اسقوني
وانتفض عبد الملك برعدة ، فحمل عن صدره ، ووضع على سريره .
ودخل يحيى بن سعيد ومن معه على بني مروان ومواليهم ، فقاتلوهم ، وجاء عبد الرحمن ابن أم الحكم الثقفي ، فدفع إليه الرأس فألقاه إلى الناس ، وقام عبد العزيز بن مروان ، فأخذ المال في البدر ، فجعل يلقيها إلى الناس ، فلما رأى الناس الرأس والأموال انتهبوا وتفرقوا .
ثم أمر عبد الملك بعد ذلك بتلك الأموال فجبيت حتى عادت إلى بيت المال .

الصفحة 61