كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 21)

"""""" صفحة رقم 70 """"""
ذكرالحرب بعد مقتل عمير بن الحباب السلمي
قال : ولما قتل عمير أتى ابنه تميم زفر بن الحارث ، فسأله الطلب بثأره ، فامتنع فقال له ابنه الهذيل بن زفر : والله لئن ظفرت بهم تغلب إن ذلك لعار عليك ، ولئن ظفروا بتغلب وقد خذلتهم إن ذلك لأشد ، فاستخلف زفر على قرقيسياء أخاه أوس بن الحارث ووجه زفر خيلاً إلى بني فدوكس ، وهم بطن من تغلب ، فقتل رجالهم ، واستبيحت الأموال والنساء حتى لم يبق منهم غير امرأة واحدة استجارت ، فأجارها يزيد بن حمران ، ووجه ابنه الهذيل في جيش إلى بني كعب بن زهير ، فقتل فيهم قتلاً ذريعاً ، وبعث أيضاً مسلم بن ربيعة العقيلي إلى قوم من تغلب وقد اجتمعوا بالعقيق من أرض الموصل ، فلما أحسوا به ارتحلوا يريدون عبور دجلة ، فلما صاروا بالكحيل وهو من أرض الموصل في جانب دجلة الغربي ، فلحقهم زفر بن الحارث به في القيسية ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ؛ وترجل أصحاب زفر كلهم ، وبقي زفر على بغلة له فقتلوهم ليلتهم وبقروا بطون نساء منهم ، وغرق في دجلة أكثر ممن قتل بالسيف ، وأتى فلهم لبي فوجه زفر ابنه الهذيل فأوقع بهم إلا من عبر فنجا ، وأسر منهم زفر مائتين فقتلهم صبراً ، فقال في ذلك زفر :
ألا يا عين بكى بانسكاب . . . وبكى عاصما وابن الحباب
فإن تك تغلب قتلت عميراً . . . ورهطا من إن غنى في الحراب
فقد أفنى بني جشم بن بكر . . . ونمرهم فوارس من كلاب
قتلنا منهمو مائتين صبراً . . . وما عدلوا عمير بن الحباب
وأسر القطامي التغلبي في يوم من أيامهم ، وأخذ ماله ، فقام زفر بأمره حتى رد عليه ماله ووصله ، فقال فيه :
إني وإن كان قومي ليس بينهمو . . . وبين قومك إلا ضربة الهادي
مثن عيك بما أوليت من حسن . . . وقد تعرض مني مقتل بادي

الصفحة 70